صادق مجلس الشعب التابع لحكومة النظام بتاريخ 17 شباط/ فبراير، على تعديلاتٍ على قانون تملّك الأجانب رقم 11 لعام 2011 استكمالا لجريمة التغيير الديموغرافي في سوريا التي بدأ بها نظام الأسد منذ زمن الأب وإلى الآن.
شاهد… قصة أملاك ليلى التي عرفت بموت زوجها المعتقل من خلال صورة
أقرَّ ما يسمى ب “مجلس الشعب” في حكومة النظام مشروع القانون المتضمن تعديل بعض مواد القانون رقم 11 لعام 2011 المتعلق بتملّك غير السوريين للعقارات في أراضي “الجمهورية الغربية السورية”.
تضمّنت مواد مشروع القانون جواز إنشاء أو تعديل أو نقل أي حقّ عيني عقاري في أراضي “الجمهورية العربية السورية” لاسمٍ أو لمنفعة شخصٍ غير سوريّ طبيعيا كان أم اعتباريا، وشروط الإفراز الطابقي للعقار في حال قابليته للإفراز، وتملّك البعثات الدبلوماسية والقنصلية والمنظمات العربية والإقليمية والدولية والمراكز الثقافية لمقرات لها أو لسكن رؤسائها أو أعضائها.
وُصِفَ هذا التعديل بأنّه الأخطر إلى الآن، وهو متعلق بالمرسوم 66 لعام 2012 والقانون رقم 10 لعام 2018 التي تشكل بمجملها حلقةً متكاملةً في عملية الاستيلاء على عقارات السوريين؛ في مناطق المزة والرازي وداريا وكفرسوسة والقدم واليرموك وجنوب دمشق والغوطة الشرقية والقابون وبعض أحياء دمشق القديمة، وبعد الاستيلاء عليها آلت ملكيتها بموجب تلك المراسيم والقوانين إلى رجال أعمال إيرانيين وروس ورجال أعمالٍ مقربين من نظام الأسد وبعض شركات الإعمار الأجنبية التي بدأت بتنفيذ مشاريعها على الأرض دون الانتظار إلى استكمال صدور القوانين، ومنها مشروع “ماروتا ستي”.
ووصفه المحامي حوشان في أثناء حديثه لـ(لقدس العربي) بأنّه خطيرٌ جدّا ولا يمكن إيقافه إلا بقرارٍ من الأمم المتحدة، وأضاف أنّ دمشق ستكون ملكا للشيعة خلال السنتين أو الثلاث القادمة.
يهدف هذا التعديل إلى شرعنة التغيير الديمغرافي في سوريا ويحرم السوريين من تملّك أملاكهم، ويسمح للأجانب المستوطنين باستملاكها، ويفسح المجال أمام إيران وميليشياتها لاستكمال مشاريعها في المنطقة وعلى رأسها مشروع “الهلال الشيعي” أو ما يسمى بـ “المنجل الشيعي”.
أصبح هذا التعديل قانونا يمنح الميليشيات الإيرانية والأفغانية والعراقية والباكستانية وحزب الله وغيرهم حرية التملّك والتصّرف في عقارات السوريين المهجّرين، وإنشاء أسواق تجارية، وبالتالي دعم خزينة النظام وتزويدها بالقطع الأجنبي، فضلا عن فقدان السوريين لممتلكاتهم لصالح المستوطنين الأجانب ولا سيّما الشيعة.
عمد النظام إلى سياسة التهجير القسري والقمع الممنهج للمواطنين السوريين بهدف إخراجهم من مدنهم وقراهم، وتهجيرهم أيضا خارج البلاد والسيطرة على ممتلكاتهم، وهذا يعدُّ جريمة ضد الإنسانية.
وقد بدأ هذا التغيير الديمغرافي منذ عهد الأسد الأب بما يتلاءم مع مصالحه ومصالح طائفته، وبحسب دراسةٍ في مركز “حرمون للدراسات” لم يعتمد حافظ على إحداث هذا التغيير بشكلٍ جدّي لإدراكه صعوبة ذلك، وإنما لجأ إلى إدارة الديمغرافيا بسياسات توازن حرجةٍ هدفها إضعاف الأكثرية السنّيّة بالشكل الذي يضمن ترسيخ نظامه، وقبض على أرجاء سورية كافة بقبضةٍ من حديد، بيد أنّه لم يسمح لإيران بالتوغّل في مؤسسات الدولة.
وجاء ابنه من بعده ليكمل مسيرته ولكن بسياسته مختلفة؛ إذ لم يكن لديه القدرة على التحكم في مجريات الأمور داخل الدولة، وسارت الأمور باتجاه التغيير الديمغرافي الذي بدأ بالتهجير القسري الناس من مدنها وقراها، وصولا إلى التغيير الديمغرافي الذي سانده فيه أمور عدّة، كان في مقدّمتها حرق سجلات المحاكم والنفوس في حمص ودوما؛ لطمس حقوق الأهالي ولا سيما السنة، وأيضا المجازر الجماعية كالحولة وغيرها، إضافةً إلى شراء العقارات وهدم المباني في بساتين المزة والعمارة والصالحية والشاغور، ناهيك عن إجبار أهالي المدن المحاصرة على توقيع الهدن مقابل إيقاف القصف الأسدي عليها وإدخال الطعام تمهيدا لإخلائها من سكانها.
اقتلع النظام الكثير من السكان من جذورهم وهجّرهم مخلّفين وراءهم بيوتهم وأموالهم وممتلكاتهم وذكرياتهم أيضا في بعض الأحياء الدمشقية والقصير وأحياء حمص القديمة وحيّ الوعر، والزبداني وداريا والمعضمية وجبال التركمان والأكراد وغالبية سكان حلب وريف حماة، وغيرها، ومن ثمّ سنّ الأنظمة والقوانين التي تدعم مخططاته، وتحرم هؤلاء المهجرين من التمتع بحقوق الملكية والحلم بالعودة إلى مسقط رأسهم.
فهل سينجح النظام في مساعيه؟ وهل ستتحول سوريا الحرة الأبية إلى مرتعٍ للمليشيات الشيعية ومستوطنٍ لها بعد إخلائها من سكانها.
أم سيعود الحق إلى أصحابه يوما؟
ظلال عبود
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع