إن عدم خروج لقاءات أستانا بأي رؤية سياسية جعل التوصل لتفاهمات في لقاء جنيف 4 مرتبطاً بتركيبة وفد المعارضة السورية، الذي سيشارك في هذا اللقاء، ما دفع الدبلوماسية الروسية للتحرك نحو مناقشة تشكيلة الوفد، بما يضمن دورها وتأثيرها.
وبعد أن أصبح من الضروري إيجاد توازنات داخل وفد المعارضة السورية الذي سيشارك في جنيف لصالح الموقف الروسي، واصلت موسكو محاولاتها لفرض رؤيتها لتركيبة وفد المعارضة السورية، الذي سيشارك في لقاء جنيف الرابع، في الوقت الذي قامت فيه هيئة المفاوضات العليا بتشكيل وفد يضم 10 ممثلين لفصائل المعارضة المسلحة و11 يمثلون مختلف أطراف الحراك السياسي، قدمت منصتا القاهرة وموسكو مقترحاً بأن يتم تشكيل الوفد بالتساوي أي 3 مندوبين من هيئة المفاوضات و3 مندوبين من منصة موسكو و3 مندوبين من منصة القاهرة و3 مندوبين يمثلون الفصائل المسلحة، ويترك 3 للمستقلين والأكراد والمرأة.
أما المقترح الروسي فجاء مختلفاً، ومن المتوقع أن تقدمه موسكو لممثلي فصائل المعارضة المسلحة التي ستشارك في أستانا، وستناقشه مع دي ميستورا المبعوث الدولي الخاص بالشأن السوري، ويأتي المقترح الروسي على النحو التالي:
4 مندوبين عن هيئة المفاوضات والائتلاف.
مندوبان عن منصة القاهرة (جهاد مقدسي وجمال سليمان).
مندوبان عن منصة موسكو (قدري جميل وعلاء عرفات).
مندوب واحد عن منصة حميميم (التي تشكلت في قاعدة حميميم على إثر عقد اتفاقات هدنة ومصالحة على مدار العام الماضي، وغالبا سيكون اليان أسعد).
مندوب واحد عن منصة أستانا (والمقصود بها ممثل للقوى السياسية التي شاركت في لقاء أستانا منذ عامين وسيكون هذا المندوب رندة قسيس).
جهاد مقدسي
جمال سليمان
الحل العسكري
ونجاح موسكو في حسم الصراع العسكري لصالحها وصالح نظام الأسد كان يجب أن يعقبه – بحسب الخطة الروسية – استئناف المفاوضات السياسية لتسوية الأزمة السورية وفق الرؤية الروسية، والتي ترفض استمرار الحل العسكري ليس فقط لأنه يشكل عبئاً مادياً عليها ويزيد من تورطها في معارك دامية، وإنما أيضا، لأنه يخل بالتوازن – وفق رؤية موسكو – لصالح النظام وإيران، ويفقد روسيا أوراقاً أساسية في إدارة عملية تسوية الأزمة.
وحتى تتمكن موسكو من فرض رؤيتها لتسوية أزمة سوريا سياسيا، وتقلص الدور الأميركي ونفوذ بعض القوى الإقليمية والدولية، كان لا بد أن تطرح لاعباً جديداً على هذه المفاوضات ومدخلاً جديداً أيضا يمكنها من التأثير على لقاءات جنيف.
واستنادا لهذه الأهداف جاء إطلاق مفاوضات أستانا بين فصائل المعارضة المسلحة وممثلي نظام الأسد برعاية 3 قوى إقليمية ودولية ضامنة، ولها تأثير على أطراف النزاع وهم تركيا وإيران وروسيا.
فصائل المعارضة السورية
دستور سوري جديد
ورغم التصريحات الروسية الرسمية التي أكدت أن لقاءات أستانا تستهدف إيقاف إطلاق النار والاتفاق على آليات لمراقبة مسار وقف القتال ورصد الانتهاكات، لكن الجانب السياسي كان حاضراً في اللقاء الأول عبر تقديم موسكو لمشروع مقترح للدستور السوري الجديد، استهدفت من خلالها فتح حوارات بين ممثلي المعارضة والنظام، لتجنب مشروع المرحلة الانتقالية والتوصل لتسوية تضع دستور جديد للبلاد وتضمن تشكيل حكومة وفاق تضم أطراف النزاع.
لكن رفض المعارضة المسلحة والسياسية لفكرة تقديم موسكو مشروع لدستور سوريا، وإصرارها على إنجاز اتفاقات تتعلق بآليات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية كدليل على نوايا نظام الأسد، سبب إرباكاً للخطة الروسية، والتي لا تلقى تأييدا إيرانياً، وتتعامل معها المؤسسة العسكرية الروسية بفتور وعدم اقتناع.
مفاوضات أستانا 1
خلافات بين إيران وتركيا
وبدلا من أن يقدم لقاء أستانا الأول رؤية عسكرية ومبادئ سياسية لتكون أرضية للقاء جنيف الرابع تضم بها موسكو فرض رؤيتها لتسوية الأزمة السورية، تفجر خلافات بين إيران وتركيا حول وجود ميليشيات حزب الله في سوريا.
لكنه حقق تقارباً بين موسكو وفصائل المعارضة المسلحة والتي لم يكن لديها أي بدائل بعد هزيمة حلب سوى القبول بالدعوة الروسية، والمراهنة على موسكو كوسيط لتسوية الأزمة.
وقد كان واضحاً الارتباك الروسي في لقاء أستانا الأخير الذي كان مهدداً بالفشل إذا تغيب عنه ممثلو فصائل المعارضة المسلحة، هذا الارتباك الذي وصل لحد التضارب في تصريحات وزارة الدفاع والدبلوماسية الروسية.
المصدر: العربية