لم تعد “أم صبحي” بحاجة لغسيل ملابس أطفالها يدوياً، بعد أن حرمت من الكهرباء ولم يساعد موقع منزلها المتطرف عن مدينة إدلب لوصول الأمبيرات لبعد المسافة، غير أن أشعة الشمس المصدر الطبيعي للطاقة ساعد بتركيب ألواح الطاقة الكهروشمسية التي منحتها فرصة الرفاهية من جديد.
ألواح الطاقة الكهروشمسية أثبتت جدارتها في المناطق المحررة، وأصبحت بديلاً فعالاً عن كهرباء المولدات التي لجأ إليها الأهالي، بسبب منع وصول التيار الكهربائي من قبل النظام، كنوع من العقوبة الجماعية للمناطق التي ثارت ضد النظام الحاكم في دمشق، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت ببعض محطات التوليد بفعل القصف والمعارك وأدت إلى توقفها عن العمل.
بابتسامة الرضى تنظر “أم صبحي” لأطفالها الصغار المحدقين بعيونهم الصغيرة نحو التلفاز يتابعون برامجهم المفضلة من أفلام الكرتون وقنوات الأناشيد الطفولية ولسان حالها يقول “الحمد لله.. الذي سخر لنا الشمس كما سخر لنا نسمات الرياح العليلة التي تنعش القلب بعد غياب الشمس..بالرغم من كل المآسي التي خلفتها الحرب الطويلة يبقى عطاء الطبيعة رحمة لنا”.
المهندس النازح من مدينة حمص “أبو محسن” كشف لنا في حديثه معنا عن أهمية الشمس والرياح كمصدر بديل لمصادر الطاقة الأخرى مثل “البنزين والمازوت والغاز قائلاً “تعتبر الطاقة الناتجة عن الاستفادة من ضوء الشمس والرياح طاقة نظيفة لا ينتج عنها انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري أثناء التشغيل. وهي تستخدم مساحات قليلة، والآثار على البيئة عادة ما تكون أقل إشكالية من مصادر الطاقة الأخرى. ويمكن تحويل ضوء الشمس المباشر إلى كهرباء بواسطة ألواح “فولتوضوئية”. أما طاقة الرياح، فهي طاقة مستخرجة باستخدام توربينات الرياح لإنتاج الطاقة الكهربائية، وتعد طاقة الرياح والشمس طاقة وفيرة وقابلة للتجدد، وتوجد على نطاق واسع”.
“أبو عبد لله” يملك محلاً تجارياً يحتوي كميات كبيرة من الأجبان والألبان يقول “ارتفاع درجات الحرارة تدريجياً، وعدم وجود كهرباء دائمة كان يشكل بالنسبة لي همّاً في المحافظة على الألبان والأجبان التي في المحل، أمّنت لي ألواح الطاقة الكهروشمسية مصدراً شبه مجاني، أحافظ بواسطته على بضاعتي ومصدراً لتوفير كلفة تأمين البنزين للمولدة الخصوصية بعد نفاذ ساعات الأمبيرات.. وداعاً للعناء مع وجود ألواح الطاقة”.
أما عن سعر تلك الألواح فكان جواب “أبو حسن” سريعاً (45 عاما) من مدينة إدلب عمل لسنوات قليلة في بيع ألواح الطاقة “يستطيع المواطن تأمين الإنارة الدائمة في المنزل بكلفة لا تتجاوز 300 دولار أميركي، وهي كلفة شراء لوحين صغيرين ومدخرة سعتها كبيرة وأسلاك التوصيل وقاعدة حديدية ثابتة أو متحركة. أما إذا كان الهدف تشغيل أغلب الأجهزة المنزلية من براد ومروحة وغسالة وتلفزيون وغيرها، فلا تقل الكلفة عن 800 دولار أميركي كحد أدنى، وهذه الكلفة تعد مرتفعة مع دخل الأهالي المتضررين من سنوات الحرب”
تبقى الطبيعة مسّخرة لخدمة البشر على الرغم من قسوتها في بعض الأحيان، لتأتي الشمس والرياح وحتى مصادر المياه مساعداً خفياً لمن كانت لديه رغبة في استمرار الحياة رغم مآسيها.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد