يتجهز الجيش التركي للبدء بعملية عسكرية جديدة وشيكة داخل الأراضي السورية، على غرار عملية “درع الفرات”، وذلك بهدف تحجيم نفوذ ميليشيا “وحدات” الكردية المصنفة تركياً على قائمة الإرهاب.
وعلى وقع تصاعد الخلاف بين أنقرة وواشنطن، بسبب دعم الأخيرة لميليشيا “الوحدات” الكردية، دفع الجيش التركي بعزيزات إضافية إلى شمال سوريا، ولا سيما بعد فشل مفاوضات تسليم “قوات سوريا الديمقراطية” 11 مدينة وقرية وبلدة بريف حلب الشمالي أبرزها مدينة تل رفعت إلى “لواء المعتصم” التابع للجيش السوري الحر، بعد اتفاق برعاية الولايات المتحدة التي تقود “التحالف الدولي”.
تعزيزات عسكرية تركية إضافية وصلت إلى شمال حلب
وأكدت مصادر عسكرية لـ”أورينت نت” وصول تعزيزات عسكرية تركية خلال الساعات القليلة الماضية إلى مناطق سيطرة فصائل “درعا الفرات” في شمال سوريا.
وأوضحت المصادر أن التعزيزات العسكرية التركية الجديدة تضم عشرات الدبابات والمدرعات والمدافع الثقيلة دخلت معبر باب السلامة الحدودي، وتمركزت على أطراف مدينة مارع بريف حلب الشمالي.
وأشارت المصادر إلى أن فرق الجيش التركي المتواجدة في ريف حلب الشمالي، رفعت جاهزيتها العسكرية لدعم فصائل الجيش السوري الحر التي من المقرر أن تطلق عملية عسكرية مرتقبة على مواقع ميليشيا “وحدات” الكردية التي تحتل مناطق في الريف الحلبي، ولا سيما مدينة تل رفعت وبلدة منغ ومحيطها.
الحل العسكري بعد فشل الخيار السياسي
وفي السياق، أكد “مصطفى سيجري” رئيس المكتب السياسي لـ”لواء المعتصم” التابع للجيش السوري الحر في تصريح لـ”أورينت نت” أن الهدف من أي عملية عسكرية في الأيام القادمة في ريف حلب الشمالي هو طرد “المجموعات المتطرفة”، في إشارة إلى ميليشيا “الوحدات” الكردية، التي تتزعم ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية”.
وفشلت مفاوضات تسليم “قوات سوريا الديمقراطية” 11 مدينة وقرية وبلدة بريف حلب الشمالي أبرزها مدينة تل رفعت إلى “لواء المعتصم”، وذلك بعد اتفاق برعاية الولايات المتحدة التي تقود “التحالف الدولي”، بحسب بيان صادر عن “مجلس تل رفعت العسكري” التابع للجيش الحر، والذي اتهم أيضاً ميليشيا “الوحدات” الكردية بأنها لم تُبد أي تجاوب واستمرت بالمماطلة “رغم أنها معتدية ومحتلة لهذه المناطق وليس لها أي ذريعة محقة لاحتلالها بمساعدة روسيا والأسد”.
وأشار “سيجري” إلى أن فشل الحلول السياسية يعني بالضرورة تقديم الخيار العسكري، مذكراً بأن كل الأعراف تضمن للإنسان حق الدفاع عن النفس واستعادة الأرض المغتصبة.
قوى “متطرفة” موجودة في مدينة “عفرين” أفشلت المفاوضات
وأوضح “سيجري” أن المفاوضات بدأت بتكليف من أبناء وفعاليات وفصائل عسكرية من أهالي القرى المغتصبة، ثم بدعم من التحالف الدولي، محملاً بعض القوى “المتطرفة” الموجودة في مدينة “عفرين” ومحيطها مسؤولية إفشال هذه المفاوضات، خدمةً للمشروع الروسي على حساب أبناء المنطقة.
ونوه القيادي في الجيش السوري الحر إلى أن “لواء المعتصم” حرص على حقن الدماء، والوصول إلى حالة سلام كاملة، ومنع أي اقتتال ربما يصبح في المستقبل اقتتال “عربي كردي” لن ينتهي لعشرات السنين.
إعادة الحقوق إلى أصحابها
وشدد على أن الجيش السوري الحر يؤمن أن إنقاذ الوطن وعملية بنائه تحتاج لتكاتف جميع مكونات الشعب السوري، وللوصول إلى ذلك، يجب أن تبدأ بخطوات على الأرض أولها إعادة الحقوق إلى أصحابها، وعلى رأس هذه الحقوق إعادة المدن والقرى المغتصبة التي احتلتها “قوات سوريا الديمقراطية” بدعم من الطيران الروسي وقتلت العشرات وشردت مئات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ.
ووجه رئيس المكتب السياسي لـ”لواء المعتصم” في ختام حديثه مناشدة إلى السوريين الأكراد، وقال “أهلنا الكرد الشرفاء قفوا في وجه المتطرفين الموجودين في مناطقهم، كما وقفنا معاً في وجه تنظيم داعش الإرهابي، ولا يسمحوا لبضع عملاء خونة التحكم بقرار الأمة الكردية العظيمة” مضيفاً “الوطن يحتاجنا جميعاً لإنقاذه وكما أن لواء المعتصم قد بادر بخطوات باتجاه حقن الدماء والوصول لحالة سلام، على الشرفاء من الأخوة الكرد أن يبادروا أيضا، ويدنا دائماً ممدودة للسلام، وقد آن الأوان لإخراس صوت التطرف والغلو من جميع الأطراف”.
الوحدات الكردية احتلت مناطق بريف حلب بدعم من الطيران الروسي
يشار هنا أن ميليشيا “الوحدات” الكردية تسيطر على منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي منذ عام 2013، وسمحت مؤخراً بدخول فرق من الجيش الروسي إلى المنطقة، حيث نشرت موسكو عربات وآليات عسكرية في بلدة كفرجنة الواقعة بين مدينتي إعزاز وعفرين”.
وكانت ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” قد احتلت مطلع العام المنصرم عدة مناطق في ريف حلب الشمالي، أبرزها مدينة “تل رفعت” وبلدة “منغ” وقرى أخرى محيطة بها، وذلك بدعم جوي من طيران الاحتلال الروسي، مستغلة انشغال الفصائل المقاتلة في مواجهة تقدم قوات الأسد وميليشيات إيران بالريف الحلبي.
وتشهد قرى وبلدات في ريفي حلب الجنوبي والشمالي اشتباكات متقطعة بين فصائل الجيش السوري الحر وميليشيا “الوحدات” الكردية، حيث قصفت المدفعية التركية مساء أمس مواقع عسكرية للميليشيا غرب مدينة مارع، وقال الجيش التركي فجر اليوم الأربعاء أن القصف جاء رداً على تعرض الجيش السوري الحر لقصف مدفعي.
تصاعد التوتر التركي الأمريكي
وكان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” قد ألمح قبل أيام بأن بلاده مستعدة لبدء عملية مماثلة لـ”درع الفرات” شمال سوريا قريباً، حيث قال “كما حررت القوات التركية بالتعاون مع الجيش السوري الحر 2000 كيلومتر شمالي سوريا، فإنها ستفعل الشيء نفسه في الفترة المقبلة”.
اقتراب إطلاق تركيا معركة جديدة في شمال سوريا، تتزامن مع تصعيد سياسي بين أنقرة وواشنطن، حول دعم الأخيرة إلى ميليشيا “الوحدات” الكردية، المصنفة تركياً “منظمة إرهابية”.
وقال أردوغان في أول أيام عيد الفطر، “من يعتقدون أنهم يخدعون تركيا بقولهم إنهم سيستعيدون لاحقاً الأسلحة الممنوحة لهذا التنظيم الإرهابي (وحدات حماية الشعب الكردية) سيدركون بعد فوات الأوان أنهم ارتكبوا خطأ فادحاً”، وذلك في تشكيك بالوعود التي ذكرها وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، لنظيره التركي، فكري إشيق، عن عزم واشنطن سحب جميع الأسلحة النوعية التي منحتها الولايات المتحدة للميليشيا الكردية عقب انتهاء معركة الرقة، ليعود ماتيس، أمس، ويلمح باحتمال تقديم مساعدة لأمد أطول لميليشيا “الوحدات”.
أورينت نت