يرى محللون أن دور مليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري انتقلت من مرحلة قمع المتظاهرين إلى مرحلة العصابات التي باتت تمارس الخطف والابتزاز بحق المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في مدينة اللاذقية (غرب).
ويرتبط اسم اللجان الشعبية أو ما يعرف محليا بـ”الشبيحة” في محافظة اللاذقية بعمليات قمع المتظاهرين بداية انطلاق الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام السوري والمنادية بالحرية والكرامة، ومع مرور الوقت تحوّلت هذه اللجان إلى مؤسسة أمنية وعسكرية تابعة للنظام تحت مسمى “الدفاع الوطني”.
ويروي سعيد وافي، وهو من سكان مدينة اللاذقية، أحد تجاوزات عناصر الدفاع الوطني بحق رجل مُسِنٍ، ويقول في حديث للجزيرة نت إنه كان شاهدا على مقتل جاره البالغ (70 عاما) برصاص عنصر مسلح مراهق لا يتجاوز عمره العشرين عاما بسبب مشادة كلامية.
وأشار المواطن إلى أن عناصر الدفاع الوطني منعوا إسعاف المسن بعد إطلاق الرصاص عليه، بالرغم من وجود مشاف قريبة.
كما ذكر أن كل فتى يمتلك بنية قوية وتجاوز (16 عاما) يحق له حمل السلاح، والتجول بعد أن يسجل اسمه ضمن صفوف المليشيات الخاصة المنضوية تحت لواء الدفاع الوطني باللاذقية، تحت ذريعة الحفاظ على أمن المدينة، وبات استعمال السلاح يعتمد على مزاجية هؤلاء المراهقين.
بدوره، يؤكد المحامي والناشط في توثيق انتهاكات النظام رضا الصطيف أن معاناة المدنيين من مليشيا الدفاع الوطني تعدت عمليات الابتزاز، وبات الخوف الأكبر هو الرصاص الموجه لصدور المدنيين في أية لحظة.
ولم تقتصر انتهاكات المليشيا على المدنيين فحسب، فمنذ أشهر لقي ضابط برتبة عميد حتفه على يد سليمان الأسد ابن عم الرئيس بشار الأسد، إثر خلاف على أفضلية المرور في أحد أحياء اللاذقية، ونشرت صفحات موالية على مواقع التواصل فيسبوك أنباء عن إصدار المحكمة العسكرية حكما بسجن سليمان الأسد عشرين عاما.
وعلق الناشط الحقوقي على هذا الخبر بالقول “إن الحكم عادل ومتوافق مع القانون، ولكن هل سيكون قابلا للتنفيذ؟ أم أنه مجرد حكم صوري لإرضاء الحاضنة الشعبية للنظام؟”.
أسباب وحوافز
من جانبه، يشير العميد المنشق أحمد رحال إلى أن الدور الذي تمارسه عناصر الدفاع الوطني بات ينحصر بعمليات الابتزاز المالية على الحواجز، وخطف المدنيين، وفرض إتاوات بالقوة على التجار، ويصل في بعض المواقف للقتل العمد، أو العشوائي برصاصة طائشة، بالإضافة لسحب الشباب للاحتياط بالقوة من المحال العامة.
وأضاف رحال -في حديث للجزيرة نت- أنه وبالرغم من تعدد تشكيلات الدفاع الوطني، فإن ما جمعهم هو “الرغبة بالاكتفاء المالي في عمل بعيد عن جو الحرب والجبهات”. وأشار إلى أن هناك عناصر في جيش النظام انشقوا ليلتحقوا بمليشيات الدفاع الوطني بسبب أجورها المرتفعة.
وأوضح أن هذه التشكيلات يشرف عليها رجال أعمال كبار، وهناك من تموله دول مثل إيران، وغالبية من ينضمون لها من فقراء العلويين ونازحي المحافظات الأخرى، وفق قوله.
سد العجز
وعزا العميد المنشق اعتماد النظام على مليشيا “الدفاع الوطني” إلى سد العجز الحاصل في الجيش، ولترغيب طائفته بالانضمام كنوع من الحماية الذاتية لقراهم.
وقال رحال “لاقت تلك الامتيازات تجاوبا كبيرا من قبل أبناء الطائفة العلوية تحت مسميات كثيرة، أبرزها الدفاع الوطني الذي تموله إيران ويشرف عليه الجنرال في الحرس الثوري الإيراني حسين همدانيالذي قتل مؤخرا بمعارك في حلب، فضعف عما قبل، إضافة إلى “الجيش الشعبي” الذي يشرف عليه اللواء في الجيش السوري أحمد العلي، وتنتشر عناصره في شوارع مدينة اللاذقية.
كما لفت إلى انتشار عناصر حزب الله لكن بشكل أقل من ذي قبل في اللاذقية، ولفت إلى أن هناك انتشارا لعناصر مسلحين من روسيا في المناطق المؤيدة للنظام في اللاذقية.