بيديها الخشنتين التي تشكو قلة المال وعينيها الذابلتين وبتجاعيد وجهها الذي يروي قسوة الظروف ومرارة العيش، تحيك أم أحمد ثوباً مزركش لإحدى النسوة في الحي..
أم أحمد (سراقب، 45عاماً) مهجرة من بلدتها منذ قرابة العامين بعد عِدّة حملات همجية دامية، واحتلالها من قبل نظام الأسد أُجبرت “أم أحمد” وزوجها وأطفالها إلى النزوح هرباً من بطش النظام لمناطق أكثر أمناً لِتحطَّ رحالهم في إحدى المخيمات في الشمال السوري.
تثاقلت الهموم وكثرت الضغوط على ام أحمد وزوجها الذي بات عاجزاً عن تأمين أبسط حاجاتهم اليومية كالخبر وغيره، عدا عن معاناتهم في الخيمة.. ولا يملك أية حيلة حتى بتأمين منزل يأويهم بسبب غلاء الأسعار وقلة فرص العمل.
نظرات البؤس بوجه أبو أحمد وعجزه عن تلبية مستلزمات أطفاله، الذين بات حلمهم مُعلّق ببعض القطع النقدية يشترون بها لعبةً رأوها مع أحد الأطفال أو قطعة حلوى يُغيّرون بها نكهة حياتهم التي شابهت العلقم..
تقول أم أحمد: ذات يوم ذهب أبو أحمد ليقضي بعض المستلزمات ويبحث عن عمل لعله يجد مخرجاً لحالهم ولكنه تأخر، ظننتُ أنّه وجد عملاً وانشغل عن العودة إلى المنزل.
لكن كارثة قد أصابت “أم أحمد” عندما جاء أحدهم ليخبرها بوفاة زوجها إثر أزمة قلبية أودت بحياته، كادت تفقد صوابها.. ليأتوا به بعد لحظات جثةً هامدةً.. ويترك لها حِملاً تعجز الجبال عنه..
صرخات أم أحمد وحزنها.. حرقة قلبها وبكاء أطفالها أدمى قلوب الحاضرين على واقعها المرير..
تُتابع أم أحمد حديثها، وتكمل بيدٍ حياكة الثوب بينما تمسح دموعها باليدِ الأخرى “ولاد الحلال كتار عطوني هالبيت لأقعد فيو، صحيح قديم ومهرهر بس بيضل أحسن من الخيمة، وعدني صاحب البيت يرمم سقفو والجدران قبل ما تمطر الدنيا ”
استطاعت أم أحمد تأمين آلة للحياكة، وأصبحت تعمل عليها بعد أن حضرت عدة تدريبات لتعليم الحياكة والصوف، جعلتها باباً لرزقها وتأمين مستلزمات أطفالها دون الاعتماد أو انتظار المساعدات من الناس.
قصة خبرية/ عبير خطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع