اعتبر الكاتب الصحفي البريطاني بيتر أوبورن أن الفائز في تصويت الأسبوع الماضي حول الضربات الجوية في سوريا لم يكن، بحسب التوقعات، لا رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون ولا وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية هيلاري بين، بل كان النائب عن حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين.
وقال في مقال نشره في صحيفة “الديلي ميل” البريطانية، السبت، رغم أن ديفيد كاميرون حقق “انتصارا برلمانيا أكبر من المتوقع” في التصويت الذي أقر خطته لمهاجمة تنظيم الدولة في سوريا والعراق، ورغم مكانة وزير الخارجية هيلاري بين، فإن جيريمي كوربين هو من يستحق الخروج من تصويت الأسبوع الماضي “وقد تعززت مكانته وتحسنت سمعته”، لأنه أثبت “أنه رجل يتمتع بالشجاعة الأخلاقية وبالنزاهة وبالالتزام بالمبادئ”.
وأوضح أوبورن أن كوربين أجبر أتباع تيار بلير على أن يظهروا بمظهر “الحمقى” بعد أن تنبؤوا بحتمية خسارة حزب العمال للانتخابات التكميلية في أولدهام.
وأشار إلى أن كوربين ظل صامدا على موقفه رغم ما واجه من “عداوة شديدة داخل معسكره”، الأربعاء، وقال إنه عرض “ما لديه من مبررات تجعله يشك في جدوى المشاركة في الهجمات الجوية على سوريا”.
وأثنى الكاتب الصحفي على كوربين بالقول إن الدور الذي لعبه في الجدل الدائر حول مشاركة بريطانيا في الحرب ضد تنظيم الدولة بسوريا والعراق كان هو “الدور الذي يتوقع أن يقوم به أي زعيم للمعارضة، وذلك بموجب المدونات الدستورية البريطانية التي تنص على أن دوره يتمثل في مساءلة الحكومة ومحاسبتها”.
وانتقد ما فعله دافيد كاميرون ووزراؤه من عدم شرحهم للمواطنين البريطانيين للمخاطر “التي يواجهونها بسبب السياسة التي اختارت حكومتهم تبنيها” بكل صدق وأمانة، وقال: “كان ينبغي عليهم أن يظهروا بعض الثقة بالشعب البريطاني، وبأنه سيلبي معايير الجلد والتحمل كما كان يفعل باستمرار في الماضي”.
ولفت إلى أنه رغم مجموعة من “الكوارث” التي كانت سببا في تدخل الجيش البريطاني في العراق عام 2003، وفي أفغانستان عام 2006 وفي ليبيا وكانت بسبب عدم معارضة النواب البرلمانيون لقرارات الحكومات آنذاك، فإنه أصبح الآن، يقول أوبورن: “لدينا زعيم معارضة يقوم بمهمة معارضة الحكومة على أحسن وجه وتوجيه الأسئلة الصحيحة”.
ووصف حال كوربين أثناء المناقشة حيث قال إنه احتفظ بهدوئه ووقاره وظل حاسما ودقيقا، كما “استحق أداؤه الثناء بشكل خاص نظرا لما تعرض له من حملات مغرضة من داخل مجموعة النواب العماليين التابعين له استهدفت شيطنته وتشويه سمعته”.
وأكد أنه رغم الأخطاء التي ارتكبها جيريمي كوربين خلال الشهور الثلاثة الأولى من زعامته لحزب العمال، فيما يخص السياسة الاقتصادية، وإحاطة نفسه بعدد كبير من الشخصيات “غير المستساغة” من منتسبي التيار اليساري، وسلوك بعض نشطائه الذي “يبعث على الازدراء”، فإن مثل هذه المشاكل “قد تقع في المستقبل”.
ودعا الكاتب الصحفي بيتر أوبورن الجميع لتحية جيريمي كوربين على أسبوع كان أداؤه فيه بلا منازع من “أرقى ما شهدته الزعامة السياسية حتى ذلك التاريخ” على حد تعبيره.
وشدد على أن كوربين قدم “خدمة جليلة لقضية الديمقراطية في بريطانيا من خلال فرض حوار وطني حقيقي بشأن قرار توسيع نطاق المشاركة البريطانية في الحرب”.
المصدر: عربي 21