رأت جيسيكا لويس ماكفيت في مجلة فورين بوليسي الأمريكية أنّ هجمات داعش خلال الشهور الأخيرة في بغداد ودكا واسطنبول ، تثبت أنه – رغم خسائره- ما زال قوياً وقادراً على تنفيذ استراتيجيته الدولية في ضرب دول معاصرة، وتوسيع خلافته، وإشعال حرب مروعة مع الغرب. وأكدت الكاتبة أنّ الولايات المتحدة لن تنجح في إلحاق الهزيمة بداعش، وحماية الأراضي الأمريكية، إذا لم تعدّل استراتيجيتها لمحاربة التنظيم على الساحة الدولية، عوضاً عن التركيز على انتصارات تكتيكية في العراق وسورية. وأوضحت الكاتبة أنّ التنظيم الإرهابي يعمل على الساحتين المحلية والدولية وينظم حملات متشابكة عبر عدة مناطق جغرافية، حيث تقوم استراتيجيته المحلية على مواصلة سيطرته على مناطقه في العراق وسورية، فيما يسعى لتوسيع “خلافته” في الشرق الأوسط، عبر دمج مزيد من المجموعات الإرهابية التي سوف تمكنه من زعزعة استقرار بعض الدول، وكسب مزيد من الأراضي، بينما يعمل في الوقت نفسه على توفير الظروف للدخول في حرب مروعة مع الغرب عبر استقطاب المجتمعات الأوروبية. وأضافت الكاتبة أنّ صناع السياسة في الغرب يسعون إلى تقليل أثر الرسالة التي يوجهها داعش إلى العالم، ويعتبرونها بمثابة مبالغات لتهدئة خواطر أتباعه ولطمأنتهم بالرغم من هزائمه الأخيرة، ولكنْ، في حقيقة الأمر، يعمل داعش من منطلق قوة، ولذا، فإنه من المهم عدم التقليل من خطره، واعتبار أنّ استراتيجيته الدولية فشلت واضمحلت.
اعتبر جورج فريدمان في صحيفة هافنغتون بوست الأمريكية أنّ تركيا بعد الانقلاب الفاشل ستكون أقرب إلى روسيا وأبعد عن الولايات المتحدة، لافتاً إلى قيام السلطات التركية باعتقال الطيارين الذين شاركوا في إسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني الماضي وذلك على خلفية ضلوعهم في الانقلاب الفاشل. ورأى الكاتب أنّ واحدة من النتائج المباشرة لعملية الانقلاب صارت واضحة الآن وهي أنّ أردوغان قرر إصلاح علاقاته مع روسيا، وأنه بدأ بإعطاء الإشارات إلى الروس، والتي ربما تغني عن القول إنه لم يشارك في طلب إسقاط الطائرة وأنّ خصومه السياسيين كانوا ضالعين في ذلك. وأضاف الكاتب أنه من خلال معاقبة مدبري الانقلاب، يقوم أردوغان بإصلاح الضرر الذي أصاب العلاقة مع الروس، وعبر إنهاء أي مواجهة مع روسيا، فإنه يعطي نفسه مساحة للمناورة، كما أنه يحرر تركيا من الضغط الأمريكي على أنقرة كي تضطلع بدور عسكري أكبر في سورية خاصة فيما يتعلق بمكافحة “تنظيم داعش”. وأوضح الكاتب أنّ خدعة أنّ الذين قاموا بإسقاط الطائرة هم الذين قاموا بالتخطيط للانقلاب ستجعل “أردوغان” لا يبدو على خطأ، وفي غضون ذلك، سوف يقوم أردوغان بالضغط بقوة على الولايات المتحدة وتحويل ثقله نحو روسيا، من أجل إحداث توازن كلاسيكي في ميزان القوى.
أِشار ياروسلاف تروفيموف في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إلى أنّ مخاطر الأحزاب الدينية ظهرت في مصر أولاً، والآن في تركيا، لافتاً إلى أنه على مدى عقود من الزمان، كان الساسة الإسلاميون في الكثير من مناطق الشرق الأوسط غير قادرين على التحدث ، وعندما كانوا يفعلون ذلك، كانوا يتعرضون للسجن، مما أدى إلى تهميش الإسلام السياسي. وأضاف الكاتب أنّ العديد من الحركات الإسلامية في المنطقة نشأت تحت تأثير جماعة الإخوان المسلمين في مصر، موضحاً أنّ هذه الحركات تبنت بشكل تدريجي لغة التعددية وفكرة السياسة الديمقراطية والانتخابات، لكنّ الخبراء يؤكدون أنّ الإسلاميين لا ينظرون إلى الديمقراطية كقيمة في حد ذاتها ، وإنما مجرد تكتيك لإقامة نظام إسلامي “صحيح”، وبالنسبة لهم، كانت صناديق الاقتراع هي أكثر الطرق الممكنة لتفكيك الأنظمة العلمانية في المنطقة. واعتبر الكاتب أنّ الصراع الراسخ بين “الدولة العميقة” التي تسيطر عليها المؤسسات العسكرية والأمنية في دول المنطقة ، والأحزاب الإسلامية الحريصة على الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من القوة الانتخابية كان سبباً رئيسياً في فشل الديمقراطية في زرع جذور لها في الشرق الأوسط. وختم الكاتب بالتأكيد على أنّ مشكلة الديمقراطية لا ترتبط بالإسلام ، لافتاً إلى أنّ أندونيسيا – أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان – تشهد ديمقراطية ناجحة منذ عام 1999.
علق روبرت فيسك في صحيفة الإندبندنت البريطانية على الحدثين الدمويين الأخيرين اللذين وقعا في مدينة ميونيخ الألمانية وفي العاصمة الأفغانية كابل بأنه على الرغم من بعد المسافة بين المدينتين فإن ما حدث يقدم درساً مفيدا جداً في دلالات الرعب والنفاق. وأضاف أن كلمة “إرهاب” أو “إرهابي” أصبحت النغمة المميزة لكل سياسي سطحي وشرطي وصحفي وباحث مهووس في العالم. وأشار إلى مسارعة الشرطة الألمانية في ميونيخ والإعلاميين في المحطات الغربية إلى وصف إطلاق النار في ميونيخ بأنه كان “عملا إرهابيا”، وأردف بأن هذا يعني أن من أطلقوا النار كانوا مسلمين، وبالتالي اشتبه فيهم بأنهم من تنظيم داعش (أو على الأقل تحركوا بوحي منه). فيما لم يشر تقرير ولا نشرة غربية واحدة إلى مذبحة كابل كعمل “إرهابي”، وكانت عباراتهم في ذلك “مفجرون انتحاريون” و”مهاجمون”. وتساءل الكاتب مستهجنا: كيف يمكن أن يكون المسلم إرهابيا في أوروبا ومجرد “مهاجم” في جنوب غرب آسيا؟ هل لأن القتلة في كابل لم يهاجموا أناساً غربيين؟ أو لأنهم كانوا يهاجمون مسلمين مثلهم ؟ وختم بأن الإجابتين قد تكونان صحيحتين.
رأى باتريك كوكبيرن في صحيفة إندبندنت البريطانية أن أردوغان سيكون أقوى بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن تركيا يمكن أن تكون هي الخاسرة. وأكد أن تنظيم داعش سيكسب من المزاج المناهض للولايات المتحدة بعد محاولة الانقلاب، واعتبر الكاتب أن المحاولة الانقلابية الفاشلة كارثة لتركيا، ولكن نجاحها كان يمكن أن يكون كارثة أكبر بكثير. وأوضح أنه لو كان المتآمرون قد تمكنوا من قتل أو أسر الرئيس أردوغان لربما انضمت إليهم أطراف أخرى من القوات المسلحة، ونشوب حرب أهلية حينئذ كان لا مفر منه مع تشرذم قوات الأمن ومقاومة مؤيدي أردوغان. وتابع أن الكارثة هي أن الأمر سيكون الآن أكثر صعوبة بكثير بالنسبة للأتراك لمقاومة احتكار أردوغان للسلطة. وبمقاومته للانقلاب كقائد لحكومة منتخبة ديمقراطياً عزز شرعيته. ومن ناحية أخرى، كل المعارضة لحكمه يمكن وصمها بأنها داعمة للإرهاب ومعاقبتها على هذا النحو. وختم الكاتب أن بإمكان أردوغان أن يستفيد من الانقلاب لتوحيد الأتراك أو بدلا من ذلك استغلاله بطريقة تزيد من انقسامهم، وبالتالي من الصعب الشعور بالتفاؤل.
نشر كون كوغلين في صحيفة الديلي تليغراف البريطانية موضوعاً بعنوان “الإرهاب الإسلامي يمكنه أن يدفع أوروبا إلى أيدي المتطرفين اليمينيين”. وأوضح أنه لا يوجد مكان آمن من هجمات المتشددين الإسلاميين كما أنه يؤكد أن المتطرفين أصبحوا يضربون أي موقع في القارة الأوروبية بكل حرية ودون عوائق. وأضاف أن التقارير الاستخباراتية توضح أن المتطرفين استغلوا أزمة المهاجرين وتدفقهم بأعداد كبيرة على أوروبا لتكوين شبكة متكاملة من الخلايا النائمة والناشطة في جميع أنحاء أوروبا. واعتبر كوغلين أن جميع هذه العوامل لن تؤثر فقط على أمن أوروبا ولكن أيضا على مستقبلها السياسي حيث نجحت الأحزاب اليمينية حتى الآن في استغلال التطورات الأخيرة وتحقيق بعض المكاسب في كل من فرنسا وألمانيا. وخلص الكاتب إلى أن استمرار الهجمات في أوروبا خاصة التي تستهدف مواقع ضعيفة أمنياً مثل الكنائس سيساهم في تصعيد اليمين المتطرف وهو ما سيؤدي بدوره إلى تزايد التوتر الطائفي في أوروبا على غرار ما يجري في الشرق الأوسط وهو ما يهدف إليه تنظيم الدولة الإسلامية ويعتبره كوغلين الفخ القاتل لأوروبا.
أشارت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إلى أسباب عدم قدرة فرنسا على التغلب على الإرهاب. واعتبرت أن فرنسا تخطأ حين تغلب العاطفة، في مواجهة رشاشات الأعداء نستعين بالشموع والهاشتاغ والتأبين والوقوف دقائق صمت. وأضافت، “الإرهابيون تكمن قوتهم في استعمال سلاح الغرب من حريات ودولة قانون وتقنيات جديدة ضده فيما ردود الفعل العاطفية للغرب تبدو وكأنها صورة لعجزه وتزيد من يقين الإرهابيين حول ما يظنون إنه ضعف من قبلنا. وانتقدت الصحيفة اعتماد فرنسا استراتيجية دفاعية تقضي بتسيير دوريات للجيش ما يستنزف المؤسسة العسكرية ولا يخدم الأمن. وختمت أن مكافحة الإرهاب لا تجري بالضرورة على الساحة السورية بل على الأرض في فرنسا من خلال تشديد قوانين الهجرة.
تناولت صحيفة ليبراسيون الوضع في فرنسا وعما إذا كانت في حالة حرب، وأوضحت أنه من خلال تحليل المفردات التي استعملت منذ اعتداءات باريس الأولى، فأول من استعان بكلمة “حرب” كان رئيس الدولة فرنسوا هولاند في الـ 14 من تشرين الثاني أي بعد ثاني اعتداء جماعي استهدف فرنسا في أقل من عام وقد تزامن هذا الإعلان مع قرار فرنسا المشاركة لأول مرة بالحرب على تنظيم داعش في سورية وليس فقط العراق. وأضافت أن الرئيس هولاند لم يأت على ذكر الحرب في وصف اعتداء نيس مكتفياً بتعبير الاعتداء الإرهابي وذلك بعد أن أيقنت الرئاسة الفرنسية أن كلمة حرب قد تعزز العدو الذي يتغذى بالصدى الإعلامي لأعماله. وختمت، لكن هذا لا يمنع المعركة التي تخوضها فرنسا ضد الإرهاب من ارتداء طابع الحرب.
مركز الشرق العربي