شجع انقلاب النيجر دول أخرى على قيام العسكر على السلطات الشرعية المنتخبة في القارة السمراء و ليكون التالي هو انقلاب الغابون الذي قد يدفع الشركات الفرنسية والإيطالية إلى وقف عملياتها ، وزيادة احتمال توجيه ضربات أخرى لفرنسا و دول أخرى وسط مواقف سلبية تجاه وجودها في أفريقيا.
تعتبر الغابون دولة منتجة للنفط وهي عضو في منظمة أوبك وتملك مخزون نفطي كبير ويعتبر الخبراء بأن تأثير الانقلاب صباح الأربعاء سيكون ضعيفًا على أسواق النفط في فرنسا والاتحاد الأوروبي وأسواق النفط.
و بعد الانقلاب ، أعلنت شركة إيراميت الفرنسية أنها أوقفت أنشطتها التنقيبية عن المنغنيز ، وهو أحد العناصر الأساسية المستخدمة في العديد من المجالات مثل بطاريات السيارات القابلة لإعادة الشحن والأسلحة والبناء.
و لا تقتصر ثروات الغابون التي تغير فيها ثلاثة رؤساء منذ استقلالها عام 1960، على النفط فحسب ، بل تشمل أيضا الغاز الطبيعي والمنغنيز وثروات أخرى.
وهي ثروات يمكن نقلها إلى قوى أخرى من القارة التي تتواجد فيها العديد من الشركات الإيطالية و الفرنسية و أصبحت البلاد عضوًا كامل العضوية في أوبك في عام 1975، ثم غادرت في عام 1995 وانضمت مرة أخرى إلى أوبك في عام 2016 و يبلغ عدد سكان الغابون2.1 مليون نسمة.
إن الغابون بلد يتمتع بموارد كبيرة ، ولكن هذه الموارد لن تؤدي إلى إحداث صدمة عالمية ، وقد تكون هناك تأثيرات وتداعيات ، لكن ليس لدرجة التسبب بأزمة أو ارتفاع في الأسعار ولم يكن الوضع في الغابون مستقرًا ، حيث ورث الرئيس السلطة عن والده. في العام الماضي كان يعاني من حالة مرضية سببت له عدم الراحة. وهذا ليس مبررًا للانقلاب ، لكن الغابون كانت تعاني بالفعل من مشاكل كبيرة و لم تؤثر هذه الاضطرابات على الأسعار العالمية.
وبحسب مسؤولين في ليبرفيل، فإن إنتاج الغابون من النفط في منظمة أوبك لا يتجاوز 181 ألف برميل يوميًّا ، ويبلغ إجمالي إنتاجها اليومي 210 آلاف برميل ، ويصل احتياطيها من النفط الخام إلى ما يقرب من 2 مليار برميل.
هناك شركات أخرى إلى جانب شركة توتال إنرجي الفرنسية العاملة في مجال النفط قد تضطر إلى وقف عملياتها ، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على الشركات الروسية و غيرها من الشركات الأجنبية بدلًا من الشركات الفرنسية والأوروبية.
أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية ، صباح أمس ، بيانًا نددت فيه بإقالة الرئيس علي بونغو من قبل جنود في الغابون.
ويبدو أن التطورات في الغابون لن تؤثر على فرنسا فقط. وتستثمر إيطاليا أيضا في الغاز في الغابون من خلال شركة إيني ، و هو ما قد يشكل تحديًا إضافيًّا في وقت يحاول فيه الأوروبيون إنهاء الاعتماد على الغاز الروسي في أعقاب حرب أوكرانيا.
نفوذ فرنسا في المنطقة يتآكل
ستتأثر باريس كثيرًا بالانقلاب لأن بونجو كان قريبًا جدًا منها ومن شركاتها. سيتعين على باريس أن تمر بفترة صعبة بعد هذا الانقلاب ، خاصة كما حدث مع انقلاب مماثل في النيجر ، لأن شركات مثل توتال إنيرجي لديها إيرادات بمليارات الدولارات. و من المؤكد أن مثل هذه الانقلابات ستؤثر على استثماراتهم.
وتمتلك فرنسا استثمارات كبيرة في الغابون ، خاصة في قطاع المنغنيز . وقد يتحول هذا إلى ساحة للتنافس بين باريس والقوى الأخرى.
والواقع أن قوى مثل روسيا والصين تمكنت من اختراق المنطقة ، الأمر الذي يشكل تحديًا لهيمنة فرنسا في مستعمراتها السابقة ، وفشل الاتحاد الأفريقي في إنهاء سلسلة الانقلابات العسكرية في القارة المظلمة، فمن الصعب التنبؤ بمصير النفوذ الفرنسي في الغابون ، ولن تنجح العقوبات وغيرها من التدابير الرادعة حتى الآن في إقناع مدبري الانقلاب في النيجر ، على سبيل المثال ، بتسليم السلطة إلى المدنيين أو إعادة حليف باريس المقرب محمد بازوم إلى الرئاسة.