خارج دائرة الحروب التي تضرب أكثر من بلد عربي، وتقدّم الأطفال ضحية جاهزة للقتل والانتهاكات لكلّ الشرائع الدولية، لا سيّما اتفاقية حقوق الطفل، فإنّ أطفال الدول الأخرى يعانون بدورهم من انتهاكات عديدة. يأتي ذلك فيما احتفلت الأمم المتحدة، أمس، بـ “اليوم العالمي للطفل”، الذي تقدم لاحتفاليته السنوية بوصفه يوماً للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال، والعمل من أجل تعزيز رفاه الأطفال في العالم.
شعارات الأمم المتحدة ومنظمتها للطفولة “يونيسيف” تبدو غارقة في المثالية بعيدة عن واقع الانتهاكات القائم. فهي تستند إلى حقوق أساسية في اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989. تلك الحقوق التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ في كثير من الأحيان عربياً.
خارج بؤر النزاع الأساسية، سورية والعراق واليمن وليبيا، فإنّ فلسطين هي الأبرز عربياً في انتهاك حقوق الأطفال على يد الاحتلال الإسرائيلي. من ذلك ما ذكرته إحصائيات حكومية فلسطينية أنّ الاحتلال يواصل اعتقال نحو 400 طفل فلسطيني ما بين محكومين وموقوفين، وهم الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً. كذلك، هناك إحصائية أكثر قسوة تتعلق بالأطفال الفلسطينيين القتلى برصاص الاحتلال وآلياته. يكشف مركز الإحصاء الوطني الفلسطيني (حكومي) أنّ عدد الأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم الاحتلال، منذ بداية العام الماضي 2015 حتى يوم أمس، هو 63 طفلاً، سواء في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، أو في قطاع غزة المحاصر. لكنّ الانتهاكات لا تقتصر على الصهاينة، بل تنتهك حقوق الأطفال فلسطينياً أيضاً، إذ يذكر المركز أنّ 4.5 في المائة من إجمالي عدد الأطفال الفلسطينيين في الفئة العمرية من 10 إلى 17 عاماً يعملون بأجر أو من دون أجر.
تحدد اتفاقية حقوق الطفل، عدداً من النقاط الأبرز كحقوق الحياة والصحة والتعليم واللعب، وكذلك الحق في حياة أسرية، والحماية من العنف، وعدم التمييز.
في مصر، وضع الأطفال أسوأ، ويتفرع إلى معضلتين رئيسيتين: العمالة والتشرد. وهو ما يبعدهم عن كلّ حق من الحقوق المذكورة في الاتفاقية. فبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) هناك نحو 3 ملايين طفل مصري عامل، وفي ظروف عمل سيئة معظم الأحيان في الورش والمصانع وغيرها، بالإضافة إلى الدوام الطويل والراتب الزهيد. أما على صعيد التشرد، فإنّ أطفال الشوارع يمثلون أزمة حقيقية في مصر مع تجاوز أعدادهم المليونين، مع كلّ ما يعانيه هؤلاء من انتهاكات جسدية وجنسية وصحية وفقر وأمية، بالإضافة إلى انتهاك حقوق كثيرين منهم في الأوراق الثبوتية. هؤلاء الأطفال العالقون في هذا الوضع لا يمكنهم أن يغيروا شيئاً، وغالباً ما يشكلون ما يسميه الخبراء “قنبلة موقوتة” تشمل مختلف المشاكل الاجتماعية، والاقتصادية أيضاً.
بالعودة إلى مناطق النزاع، يتواصل تجنيد الأطفال في المعارك بصفة عسكرية فعلية أو مساندة، وهو ما تشهده سورية والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال. هذا التجنيد يخالف بشكل صريح البروتوكول الإضافي على اتفاقية حقوق الطفل، الموقّع عام 2000 بعنوان “البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة”.
ففي اليمن، تحققت الأمم المتحدة من تجنيد أكثر من 1200 طفل منذ بدء النزاع في مارس/آذار 2015، فيما يبقى أكثر من مليوني طفل خارج المدارس.
أما في العراق، فتشير منظمة يونيسيف إلى أنّ 575 ألف طفل عراقي انخرطوا في سوق العمل، من بين 3.5 ملايين طفل لم يعودوا قادرين على الدراسة. وهؤلاء يواجهون خطر الموت أو التعرض لإصابة خطيرة أو عنف جنسي أو الخطف أو التجنيد في فصائل مسلحة. كذلك، اضطر مليون ونصف المليون طفل إلى النزوح بسبب الأعمال القتالية.
الحق في الجنسية
تشير المادة السابعة من اتفاقية حقوق الطفل، إلى أنّ للأخير “الحق في الحصول على جنسية”. هذا الحق يواجه الكثير من العراقيل في حالة الأطفال المولودين لأمهات مواطنات وآباء غير مواطنين في أكثر الدول العربية. القوانين لا تمكّن المرأة من منح جنسيتها لأطفالها، ما يضع هؤلاء الأطفال في أزمة أخرى تنتهك حقوقهم.
العربي الجديد