انتقدت صحيفة “واشنطن بوست” قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجيء سحب القوات الأمريكية من سوريا قائلة: ليست هذه هي الطريقة لمغادرة سوريا لأن الرئيس وبجرة قلم قوض عددا من أهداف السياسة الخارجية التي دعا إليها ودعمها.
وأوضحت “فقد وعد الرئيس بإنهاء مهمة تدمير تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن انسحابه سيخلف ألافا من المقاتلين في أماكنهم. والهدف الثاني الذي يقوضه هو الحد من التأثير الإيراني في منطقة الشرق الأوسط إلا أن قرار سيترك قواتها متحصنة في بلد يعد حجر الزاوية لطموحات إيران.
كما ووعد بحماية أمن إسرائيل إلا أن هذا البلد سيواجه إيران ووكلاءها وحده وهم يحشدون قواتهم على الحدود. وتضيف أن مستشاري الرئيس الكبار لشؤون الأمن القومي طوروا خطة هادئة لإبقاء القوات الأمريكية في سوريا بشكل يمنع عودة تنظيم الدولة وسحب إيران لقواتها، وهي الخطة التي كانوا يدافعون عنها حتى هذا الأسبوع. وكشف ترامب لهم وللعالم أن شؤون السياسة الخارجية وخططها ليست بعيدة عن نزاوته.
وتعلق الصحيفة على زعم ترامب بأن تنظيم الدولة قد هزم، مع أن هذا ليس هو رأي وزارة الدفاع الأمريكية التي تقول إن آلاف المقاتلين الجهاديين لا يزالون في سوريا ويسيطرون على مناطق في وادي الفرات.
وسيسمح الانسحاب الأمريكي لهم الفرصة لإعادة تنظيم أنفسهم كما فعلوا بعد الانسحاب الأمريكي المتعجل من العراق الذي أمر به الرئيس باراك أوباما.
وحتى يوم الأربعاء كانت النقطة المتداولة بين المسؤولين البارزين في شؤون الأمن القومي والتي تم تنفيذها على مدار السنين وهي أنه لا يمكن المغادرة بعد هزيمة الجماعة في ساحة المعركة. وهي النقطة التي كان يتحدث عنها بريت ماكغريك، المبعوث الأمريكي لدول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة. وهو نفس ما قاله وزير الدفاع جيمس ماتيس وإن بطريقة مختلفة في إيلول (سبتمبر) “التخلص من الخلافة لا يعني أن تغمض عينيك وتقول “حسنا لقد تخلصنا منها” وعليك الخروج وبعدها سيتساءلون عن عودة الخلافة من جديد”.
محتوى الرسالة: أمريكا شريك خطير وغير موثوق
وتعلق الصحيفة أن ترامب برر بعض قراراته المثيرة للجدل مثل استمرار دعمه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان المتهم بقتل الصحافي جمال خاشقجي بأنه من أجل مواجهة الخطر الإيراني على امريكا وحلفائها، إلا أن الخروج من سوريا يمنح طهران وحلفاءها مكسبا لم يتوقعوه، فقد حشدت طهران آلافا من مقاتليها والميليشيات المتحالفة معها وترغب ببناء ممر بري عبر العراق وسوريا إلى البحر المتوسط في لبنان. وتريد بناء قوات قرب مرتفعات الجولان وتهديد إسرائيل. ورد جون بولتون في إيلول (سبتمبر) على هذا في 24 إيلول (سبتمبر) قائلا “لن نترك سوريا حتى تغادر القوات الإيرانية الموجودة خارج الحدود الإيرانية وهذا يضم الجماعات الوكيلة والميليشيات”.
وتقول الصحيفة إن الطموحات الأمريكية في سوريا لم تدعم أبدا بالمصادر المناسبة. والحقيقة أنه لا الكونغرس ولا الشعب الأمريكي كان مستعدا لدعم مهمة مثل تلك التي يتحدث عنها بولتون. إلا أن قرار الرئيس ترامب يبدو مرتبطا بالتهديدات التي أطلقتها تركيا الأسبوع الماضي- وهي ليست المرة الأولى- للقيام بعملية ضد أكراد سوريا مع أن القوات الامريكية تحميهم.
أكراد سوريا هم ضحايا قرار ترامب… وبعد تعرضهم للخيانة من واشنطن سيتعرضون لحملة عسكرية من تركيا
ويبدو الحاكم المستبد في تركيا قد حصل على وعود من الرئيس ترامب بالنظر في قضية ترحيل رجل الدين فتح الله غولن ووافق على بيع تركيا صواريخ باتريوت. ولا يعرف إن كان ترامب قد حصل على مقابل هذا لأنه لم يكشف عنه. وترى الصحيفة أن أكراد سوريا الذين قاتلوا تنظيم الدولة وساهموا بإخراجه من معظم مناطقه هناك هم الضحايا الحقيقيون لقرار ترامب. وبعد تعرضهم للخيانة من واشنطن فسيتعرضون لحملة عسكرية من تركياـ “طعنة في الظهر سترسل رسالة لا تنسى لمن يطلب منهم التعاون مع أمريكا في قتال الإرهاب. محتوى الرسالة: أمريكا شريك خطير وغير موثوق”.
نقلاً عن: القدس العربي