الواشنطن بوست: مكاسب الأسد الأخيرة ستلقي بظلالها على محادثات السلام المقبلة

ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في مقالٍ نشرته اليوم الثلاثاء، وقام بترجمته “المركز الصحفي السوري”، جاء فيه: إن محادثات السلام السورية المزمع عقدها نهاية الشهر الجاري، ستتناول الانتصارات التي حققها النظام السوري خلال الفترة الماضية، و حالة الفوضى التي تعيشها قوات المعارضة السورية.
أشارت الصحيفة في بداية مقالها إلى أن الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات النظام، بالإضافة إلى حالة الانقسام التي تعيشه المعارضة، بالإضافة إلى سيطرة تنظيم الدولة على ثلث الأراضي السورية، أسباب من شأنها أن تضعف فرصة وقف الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، والتي حصدت أرواح أكثر من ربع مليون إنسان وشردت الملايين.
وقد أضافت الصحيفة، أن حرب بالوكالة التي تقودها إيران والمملكة العربية السعودية في المنطقة، والفوضى التي عمت بين صفوف المعارضة بعد اغتيال عدد من كبار قادتها، وموقف روسيا بما يتعلق مستقبل الأسد، كلها أسباب زادت في تعقيد الأشياء، كمن يصب الزيت على النار.
من جهته قال “فواز جرجس” أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد : ” لا أتوقع نتائج كبيرة من المفوضات، والأسد يعلم أن الوقت يجري في صالحه، وأنه يحقق انتصارات وأن المعارضة في حالة يرثى لها” .
تضيف الواشنطن بوست في تقريرها الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، تنعقد محادثات السلام السورية في جنيف بهدف إنهاء الصراع السوري الذي بدأ منذ عام 2011، بانتفاضة سلمية ضد نطام الأسد، وتصاعدت الاحتجاجات لتتحول إلى حرب شاملة بعد الحملة العسكرية الشرسة التي قام بها النظام السوري، وتدعو المحادثات إلى إتخاذ قرار ملزم بوقف إطلاق النار، بالتوازي مع وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات في غضون عام ونصف.
وقد حث الأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” جميع الدول الداعمة لطرفي الصراع إلى مضاعفة الجهود للتوصل إلى قائمة بأسماء وفد المعارضة الذي سيتم دعوته إلى المحادثات، وقد صرح نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة “فرحان حق” أن الأمم المتحدة ستركز على بدء المحادثات في 25 يناير/ كانون الثاني.
وأشار إلى أنه “لن ترسل الدعوات حتى يتم الاتفاق على لائحة وفد المعارضة الذي سيشارك بالمحادثات، وقد ألمح إلى إمكانية تأجيل المحادثات، منوهاً في الوقت نفسه إلى أخطار جمة يمكن أن تترتب على التأجيل.
من ناحية أخرى أوردت الصحيفة في مقالها، أن القتال في سوريا قد اشتد بعد تدخل روسيا في الحرب إلى جانب النظام، وتزعم أنها تستهدف بغاراتها مواقع تنظيم الدولة ومجموعات إرهابية أخرى، لكن الواقع يظهر أن الضربات دعمت الأسد وساعدته في تحقيق إعادة السيطرة على عدة جبهات، واسترجاع عشرات القرى في الشمال والغرب.
خلال شهر تشرين الأول الماضي، استطاعت قوات النظام فك الحصار المفروض حول مطار كويرس العسكري من قبل مقاتلي تنظيم الدولة شمال حلب، وفي تشرين الثاني الماضي استرجعوا قاعدة جوية أخرى في مرج السلطان في ريف دمشق، وقد استطاع الجيش السوري انتزاع بعض المناطق من قوات المعارضة في ريف اللاذقية مدعوماً بالميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية، بالإضافة إلى النصر الأخير الذي حققه الأسبوع الماضي باسترجاعه بلدة سلمى الاستراتيجية، بريف اللاذقية، هذا الأنتصار الذي يعتبر أهم إنجاز حققته القوات الحكومية منذ بداية الحملة الروسية، وتبعد بلدة سلمى 12 كلم عن الحدود التركية الداعم الرئيسي لقوات المعارضة.
وأضاف “جرجس”: “لقد انتقل الجيش السوري من حالة الدفاع الى حالة الهجوم، في حين أنه قبل التدخل الروسي كان يستنزف ويعاني من ضربات الثوار، أما الآن فقد حقق مكاسب كبيرة على عدة جبهات ، هذه التطورات التي يمكن وصفها بأنها، ليست في صالح المحادثات المقبلة، خاصة أن الأمور في تغير مستمر، وليس هناك استعداد لتقديم أي للتنازلات من كلا الطرفين”.
بعض المسؤولون في دمشق أشاروا إلى أن مصير سوريا ستحدده أرض المعركة، وقالوا:” أن الثوار مشيرين إليهم “بالارهابيين” عليهم أن لا يتفاءلوا فلن يكسبوا شيئاً من المحادثات مالم يكسبوا على الأرض.”
تضيف الصحيفة في تقريرها الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، أن تدهور العلاقات بين طهران والرياض بعد إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي “نمر النمر”، وحرق السفارة السعودية في طهران من قبل متظاهرين إيرانيين، وما تبعها من قطع للعلاقات الدبلوماسية مع إيران من قبل معظم الدول الحليفة للمملكة، كل ذلك من شأنه أن يؤثر سلباً على المحادثات السورية، خاصةً أن ايران والسعودية هما أطراف أساسية في الصراع السوري.
وتخوض كلٍ من السعودية وإيران حرباً بالوكالة في اليمن، حيث أن الرياض تحارب الحوثيين المتمردين الذين تدعمهم طهران، بالإضافة الى قلق السعودية من رفع العقوبات عن طهران الشيء الذي سيملأ خزائنهم بمليارات الدولارات.
مجموعة من المعارضين السوريين في الخارج، يأملون بأن يروا بادرة حسن نية من الأسد لبناء شيء من الثقة بين الطرفين قبل بدء المحادثات في جنيف، ومن جهة أخرى صرح قادة المعارضة أنهم لن يشاركوا في المحادثات مالم تصل المساعدات الإنسانية الى المناطق المحاصرة وإطلاق سراح السجناء.
أما “زكريا أحمد” متحدث باسم إحدى الهيئات المعارضة المعتدلة قال : ” إن النظام يحاول تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم على الأرض، قبل بدء المحادثات التي وصفها بالجوفاء” .
حتى الآن ما يزال الغموض يلف قائمة وفد المعارضة الذي سيشارك في المحادثات، في الوقت الذي يصر فيه النظام السوري وحليفه الروسي على رفض بعض المجموعات الإسلامية التي تدعمها السعودية، والتي تطمح أن تعطيهم مقعداً في طاولة المفاوضات.
في الوقت نفسه تتضارب الآراء حول مصير الأسد فمعظم الدول الغربية ومعها السعودية تصر على ضرورة رحيل الأسد كجزء من العملية الانتقالية، بينما ترفض روسيا وإيران ذلك وتقول أن مصير الأسد تحدده الانتخابات.
ختمت الواشنطن بوست تقريرها الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، بقول “رامي خوري” الباحث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت: “إن مصير الأسد هو القضية المركزية، ويجب الاتفاق حولها لإجراء الانتخابات”.
ترجمة المركز الصحفي السوري ـ طارق الأحمد
اضغط للقراءة من المصدر