الهوية الفلسطينية من السينما إلى الأدب
قيس الزبيدي ومنار مخول يحاولان الوقوف على ميزات الهوية الفلسطينية من خلال السينما والأدب والفنون كل منهما وفق منهج خاص.
الاثنين 2019/03/11
حياة الفلسطينيين مستودع لأشكال القهر والتحدي والعذاب والتصدي
رام الله – قدمت مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتابين عبارة عن دراستين نابعتين من راهن الفكر والثقافة الفلسطينيين اليوم، جاء الأول بعنوان “فلسطين في السينما (2): ذاكرة وهوية”، تأليف قيس الزبيدي وتقديم فيصل دراج، أما الكتاب الثاني فهو “سيسموغرافيا الهويات: الانعكاسات الأدبية لتطور الهوية الفلسطينية في إسرائيل، 1948 – 2010”، تأليف: منار مخول، ترجمة نصار إبراهيم وتحرير إياد برغوثي.
كونية المسألة الفلسطينية اليوم
يعلن كتاب “فلسطين في السينما (2): ذاكرة وهوية” الذي اجتهد الزبيدي في توثيقه “كونية المسألة الفلسطينية اليوم”، واندفاع جيل فلسطيني جديد إلى الأفلام التسجيلية، وخاصة منها القصيرة في الغالب، وشبه طويلة في أحيان أُخرى، أفلام تتراوح بين دقائق معدودة وما يقترب من الساعة، أو تتجاوزها، وأفلام أخرى طويلة متعددة الجهود، وعلى اختلاف التقنيات والأشكال السينمائية لهذه الأفلام فإنها تشترك في تشابكها مع القضية الفلسطينية بمختلف جوانبها.
وتظهر “كونية المسألة” في أعمال مخرجين سينمائيين متعددي الجنسيات؛ إيطاليا، ألمانيا، لبنان، العراق، إسرائيل، فرنسا، الدنمارك، سويسرا، فلسطين، بولونيا، الولايات المتحدة، إسبانيا، النرويج… وفلسطين المنسوبة إلى مدنها الشهيرة نابلس، رام الله، غزة، وكذلك “القدس بالألوان”.
وإنْ كانت الحياة اليومية مستودعا للأشكال “الفنية”، فإن حياة الفلسطينيين مستودع لأشكال القهر والتحدي والعذاب والتصدي، كما لو كان لهم نمط آخر من الحياة، تلتقطه الكاميرا قبل أن يستقر في قصيدة، ويقصده السينمائي قبل أن يتعامل معه الروائي والمؤرخ وكاتب القصة القصيرة.
التغير والتحول اللتين شهدهما الخطاب الوطني الفلسطيني
أما الكتاب الثاني الذي أصدرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعنوان “سيسموغرافيا الهويات: الانعكاسات الأدبية لتطور الهوية الفلسطينية في إسرائيل”، فيهتم أساسا بالبحث في عمليتي التغير والتحول اللتين شهدهما الخطاب الوطني الفلسطيني منذ سنة 1948 حتى السنوات الأخيرة (الإطار الزمني لهذه الدراسة هو 1948-2010) كما تجلتا في الأعمال الأدبية، ولاسيما في الروايات، وذلك في محاولة لفهمهما.
بعبارة أخرى إن هذا الكتاب محاولة لفهم القوى الأساسية التي طورت خطاب الفلسطينيين، من خطاب تحرري استقلالي إلى خطاب مدني في سياق المواطنة الإسرائيلية. ولا يوفر علم الاجتماع المتعلق بالفلسطينيين المواطنين في إسرائيل فهما كافيا في ما يتعلق بالتحولات الداخلية للمجتمع الفلسطيني، لأنه يركز في مجمله (في العقود الأخيرة تحديدا) على بنيوية العلاقة بين إسرائيل والمواطنين الفلسطينيين. فدراسة بنية هذه العلاقة تطلعنا على طبيعة إسرائيل أكثر مما تطلعنا على الهوية الفلسطينية والتحولات التي طرأت عليها. لذا نحن بحاجة إلى مؤشر داخلي، أو إلى نظرة من الداخل لدراسة المجتمع الفلسطيني.
وتأتي هذه الدراسة لتشكل خطوة في اتجاه ملء هذا الفراغ، ذلك بأنها تتعامل مع الهوية الفلسطينية من وجهة نظر فلسطينية. ويشكل التحليل الأدبي الذي يرتكز عليه الكتاب وسيلة ناجعة لتحقيق هذا الهدف، لأنه يمكننا من الكشف عن جوانب في الهوية الوطنية والتطلعات التي يصعب الوصول إليها من خلال أساليب أو مناهج بحثية أخرى.
نقلا عن صحيفة العرب