شاب سوري يروي تجربته باللجوء وكيف يتغير الإنسان من شخص لطالما شربنا معه كأس التهجير والبعد عن الديار، إلى شخص يستغلنا ويتزّنا حتى يصل الأمر عند البعض إلى الاعتداء الجسدي أو اللفظي، وخاصّة من يمتهنون عمليات النصب والخديعة.
“حسن” اسم مستعار، شاب سوري أقنعه سوري آخر يعمل لصالح أحد المهربين، بفكرة اللجوء إلى أوروبا، مع العشرات من السوريين من مناطق درعا والقنيطرة بعد إقناعهم بالطريقة نفسها ليقعوا في مكائد النصب والسرقة، بعد وعود بالوصول دون عناء أو جهد.
يقول حسن “توجهت مع الناس نحو مكان اتفقنا عليه مع المهرب برفقة مساعديه السوريين في ليبيا، الذين صدحوا رؤوسنا بالكلمات الحالمة الوردية حول الوصول المضمون و السهل، ليدفع كلّ واحد منا 2000 دولار أمريكي مقابل الرحلة التي من المقرر أن تكون ببداية آب.
إلاّ أنّ موعد الانتظار طال أسابيع وأيام وكل يوم يتم التسويف بحجّة أنّ الموج عال تارة، أو أنّ المركب لم يؤمّن، أو وجود خفر السواحل تارة أخرى، في مماطلة أضحت واضحة بأنّها مقصودة.
يكمل حسن أنّه ذهب برفقة بعض الشباب المنتظرين مثله إلى المهرب، الذي تأوّه من قدومهم وكأنّ له حق عندهم، والذي طلب منهم الخروج، ليستمتع بشرب الدخان، ويردف حسن قائلاً: “عندما طالبنا بأموالنا قاموا بضربنا وسحب الأسلحة علينا وطردنا”.
جاء الموعد الذي طال انتظاره مع بداية تشكّل الرياح القوية والشتاء المظلم وسط عتمة البحر ليركب حسن قارباً ضخما برفقة أكثر من 500 مهاجر آخرين نصفهم تقريباً سوريون، وأضاف وهو يشير بيديه عن هول الموقف “تركنا المهربون لوحدنا في وسط بحر متلاطم الأمواج وكأننا وجبة كبيرة قد فتحت شهيته لابتلاع الأطفال والنساء ذوي الوجوه المترقبة الخائفة”.
أردف حسن قائلاً: “بعد دقائق حسبتها سنيناً طويلة شاهدنا خفر السواحل وجاءنا مركب سريع خلف وراءه بعثرة كثيفة من الأمواج وكأنه طائرة سوخوي للنظام تغير علينا”.
احتجز خفر السواحل كامل المهاجرين وأخذوا كلّ من كان على متنه إلى سجن مكتظ بالناس من مختلف الجنسيات، حيث يتوجّب على الشخص الذي يريد الخروج دفع مئات الدولارات.
اختتم حسن حديثه حول تلك الذكرى العصيبة: “تمكنت مع بعض من تعرفت عليهم على دفع المبلغ والخروج، وثمّ ذهبت إلى المهرب اللص، والذي استقبلني بآلة حادة أصاب عيني بها وأثرت على بصري بشكل كبير”.
مئات الشباب السوريين وغير السوريين عاشوا ولا زالوا يعيشون لحظات الرّعب والخوف أثناء محاولاتهم البائسة للخروج من بلاد سلبت فيها حقوقهم بحثاً عن مكان قد يجدون فيه حياة آمنة مستقرة.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع