دخلت زراعة “الكمون” مناطق شمال حلب منذ ثمانينات القرن الماضي، لتدخل في الدورة الزراعية لأراضي
“السليخ” غير المشجرة، ولكنها تراجعت بعد عام 2013 إلى أقل من النصف تقريباً، لتأخذ مكانها حبة البركة.
الموسم الفائت والحالي
يقول “ابراهيم أبو محمود” من ريف إعزاز، خسرت الموسم الماضي ما يقارب أربعة آلاف دولار أمريكي،
بزراعة أربع هكتارات حبة السودة، ولم أستطع تعويض خسارتي، رغم نجاح محصول القمح، وسبب الخسارة انهيار سعر حبة البركة.
السنة خصصت هكتارين للكمون، ومضى لي أكثر من عشر سنين لم أزرعه في أرض لي.
خسائر وأرباح وأسعار
“حسين الجمعة” تاجر محاصيل زراعية في إعزاز، يقول “انهار سعر حبة السودة الموسم الفائت 1500 دولار
بين فترة البذار والحصاد، اشتراها الفلاح بـ2700 للطن وباعها 1100 دولار للطن.
هذا الموسم على وشك بدء موسم البذار، وقسم من الفلاحين اشتروا مستلزماتهم، كان الإقبال على الكمون
بنسبة أكبر بكثير، وسعره أثبت من حبة البركة، واليوم سعره مرتفع جدًا، فالكمون ممتاز اللون، يباع بـ 3850 دولار للطن.
مستثمرون في الأراضي
“نادر الحمادو” فلاح نازح من ريف إدلب الجنوبي، قال مهنتي الزراعة البعلية ولا أعرف غيرها، قصدت
هذه المنطقة للسكن لأعمل وأعيش، ولكن السنة الماضية ككل المزارعين، خسرنا بموسم حبة البركة،
السنة أيضاً استأجرت أرضا للزراعة، في منطقة الراعي، ونيتي الكمون.
كمية الانتاج والبذار
أما عن الانتاج والبدار فيقول نادر أن الهكتار يحتاج 25 كيلوغرام بذار من الكمون لكل دنم 2.5كيلوغرام،
والهكتار البعل غير مسقي، يجب أن ينتج وسطياً 1 طن كمون مغربل “زيرو”.
تحديات زراعته
الحاج حمدو يقول، زراعته صعبة، يحتاج مرتين تعشيب، وتقتله المشاهيب، وهي الصبرة في غير موعدها أواخر آذار،
ولكن يرضى بالقليل من الأمطار، بشرط الاستمرارية في المطر، ألا يحبس المطر طويلًا، خصوصًا في آذار،
وله مثل يقول “إن أقبل آذار وراه, وإن أمحل آذار وراه”
والقليل من يسقي، إن جاء مطر يكفيه، ولكن السقاية المنتظمة تضاعف الإنتاج، وهذا ما يعجز عنه
المزارعون اليوم بسبب ارتفاع تكلفة السقي.
يحتاج أيضا لمرتين تسميد، مرة مع البذار، ومرة يرش السماد أواخر شباط، وغلاء السماد يجعل المزارعين
يقامرون في السماد الشتوي، وقت البذار، وهذا ما يقلل نسبة نجاحه.
الهندسة الزراعية
يقول المهندس ،مصطفى العبدو، أن الكمون وحبة السوداء متشابهين من حيث التأثير في التربة،
فلا أنصح بتكرار أحدهما في ذات الأرض إلا بعد سبعة أعوام عن الزرعة الأولى، وأنصح بالإبتعاد عن التعشيب الكيميائي، رش العشب المبيدي، والإعتماد على التعشيب باليد، لتخفيف الضرر على الورقة.
وكما أنصح بفلاحة الأرض في مثل هذا الوقت، وبعد شهر، وقبل البدار بيومين، ومن ثم البذر، قبل شهر شباط بأسبوع.
على حساب القمح والشعير
هذه المساحات كانت تزرع أغلبها قمحًا وشعيرًا، حسبما قال الفلاح المعمر، مصطفى العيد، ولكن غياب دعم الدولة،
لا يستطيع الفلاح تحمل عبء نقص العلف والقمح وحده وبالتالي الرغيف، هذا يحتاج دراسات وميزانية دولة تدعمه.