مثلما كان متوقعا فشلت الأمم المتحدة مجددا في تحقيق أي خرق يذكر في العملية السياسية بجنيف لحل الأزمة السورية، ولئن تعددت عوامل الفشل ومسبباته، بيد أن المتفق عليه أن أزمة السوريين ستطول.
انتهت جولة جديدة من المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة السوريين في المدينة السويسرية جنيف الجمعة بالفشل مثل سابقاتها، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول جدوى الاستمرار في هذا المسار.
وعجز المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عن تحقيق أي خرق فعلي في هذه الجولة السادسة، رغم تعهده عشية انطلاقها بأنها لن “تكون كسابقاتها”.
والمفارقة العجيبة أن الأمر الوحيد الذي اتفق حوله كل من وفد النظام والمعارضة هو انعدام فرص التقدم في مفاوضات جنيف، التي تحولت إلى مناسبة يكرر فيها كل طرف موقفه الذي يأبى التطور رغم مرور سبع سنوات من الحرب السورية.
واعتبر أحد أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات التي تقود وفد المعارضة أن غياب الرؤية وعدم وجود استراتيجية تفاوضية حال دون إمكانية التوصل إلى أي نتيجة في هذا الاستحقاق.
بالمقابل رأى بشار الجعفري رئيس وفد النظام أن الإنجاز الوحيد الذي تحقق في الجولة السادسة، هو الاجتماع التقني مع فريق الأمم المتحدة.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي ختامي عقده الجعفري في المقر الأممي، عقب آخر جلسة له مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الجمعة.
وقال الجعفري بنبرة تهكم واضحة “ناقشنا موضوعا واحدا وهو ما يمكن أن تعتبروه الثمرة التي نجمت عن هذه الجولة، وأعني اجتماع الخبراء، وحصل اجتماع واحد بين خبرائنا، وبين خبراء المبعوث الخاص، وهذه هي النتيجة الوحيدة التي خرجنا بها في هذه الجولة”.
وشدد على أنه “في أربعة أيام لم نتطرق إلى أي سلة من السلات الأربع (الدستور والحكم والانتخابات ومكافحة الإرهاب)”، التي طرحها دي ميستورا في الجولة الماضية على أساس مناقشتها في الجولة رقم 6.
بشار الجعفري: الإنجاز الوحيد الذي تحقق في الجولة، هو الاجتماع التقني مع الفريق الأممي
وبين أن “اجتماعات الخبراء مسألة فنية بحتة، الغرض منها إيجاد قواسم مشتركة بين النقاط ذات الصلة بالعملية الدستورية الموجودة في ورقة المبادئ الأساسية (سبق أن قدمها دي ميستورا وهي مكونة من 12 مادة)، مع المحادثات السياسية، وهي جزء من الكل”.
وأعلن مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، الخميس، عن مباحثات حول الدستور مع خبراء من وفدي النظام السوري والمعارضة، كلّ على حده.
ويرى مراقبون أن أسبابا متعددة تحول دون إحراز أي تقدم يذكر في جنيف. ومن بينها الطريقة التي يدير بها المبعوث الأممي المفاوضات، وتفضيله سياسة فرض الأمر الواقع خاصة على وفد المعارضة وترجم ذلك في عدة مرات لعل آخرها عندما فاجأهم بوثيقة ترسم ملامح آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية.
وأبدت المعارضة استياءها من الأمر، لأنه لم يتم إعلامها مسبقا بوجود الوثيقة، فضلا عن أن 4 أيام فقط من عمر المفاوضات غير كافية للإطلاع عليها ومناقشتها.
وتساءل وفد المعارضة في الرد الكتابي عليها “كيف يمكن لآلية استشارية أن تدفع بتقدم العملية السياسية إذا كان النظام حتى هذه اللحظة رافضا الانخراط الجدي في العملية السياسية”.
وأضافت “السؤال: ما الذي يمكن أن تفعله الآلية التشاورية ويساعد على تحقيق التقدم السريع الذي ذكر بالاقتراح؟”.
وجدير بالذكر أن المبعوث الأممي فشل على مدار الجولات الست في جمع وفدي المعارضة والنظام على طاولة واحدة.
ويقول خبراء مهتمون بالشأن السوري إنه لا يمكن تحميل مسؤولية هذا الفشل المزمن في مفاوضات جنيف للمبعوث الدولي، لسبب بسيط وهو أن الأخير لا يمتلك أصلا أيا من مفاتيح الحل في سوريا، وأن دوره ينحصر في الحفاظ على هذا المسار قائما إلى حين نضوج التسوية. ويعتبر الخبراء أن تغيير دي ميستورا، كما يدعو إليه البعض لن يغير من هذا الواقع شيئا، لافتين إلى أن المشهد في سوريا لم يعد منذ 5 سنوات مجرد صراع بين نظام ومعارضة رافضة له، بل تعدى ذلك ليتحول إلى صراع دولي وإقليمي بالوكالة، لروسيا والولايات المتحدة اليد الطولى فيه.
ويلفت هؤلاء إلى أن كل المؤشرات تقول إنه لا حل قريبا في سوريا، بل العكس تماما حيث إن ما يسجل على الميدان هو سباق محموم على النفوذ يتوقع أن يحتدم بشكل غير مسبوق في الفترة المقبلة.
ويشيرون إلى ما يقع اليوم على الطرفين الجنوبي والشرقي لسوريا سيكون مدار اللعبة التي ستحدد مصير البلاد وشكل الحكم بها.
ولم تخل جولة جنيف6، على غرار المرات السابقة من “شو إعلامي” حيث قامت الأمم المتحدة بطرد صحافية سورية موالية للنظام بسبب شتمها وقذفها لوفد المعارضة عند وصوله إلى مقر المفاوضات، وسجلت أيضا خلافات بين أطراف المعارضة السياسية والعسكرية ما اضطر إلى انسحاب عدد من ممثلي الفصائل قبل يوم من اختتام الجولة.
المصدر:صحيفة العرب اللندنية