لا يمكن للإعاقة أن تشكل حائلاً أمام المبدعين وأصحاب المواهب والملكات ، ولا يمكن لها أن تمنعهم من الاندماج في المجتمع .
“هدى” الفتاة الصّماء أو كما يدعوها من يعرفها، ” الفتاة المعجزة ” عانت من إعاقتها منذ الصغر لتقف بثباتٍ متحديةً المرض والعجز ، للوصول الى فسحة أمل، فقد تعلمت منذ صغرها الحياكة ، وقامت بدورةٍ لتعلم العمل آلة الحياكة ، ثم اشترت لها أمها “ماكينة” خاصة بها ، ومنذ تلك اللحظة انطلقت في مشروعها الذي نقلها الى عالم العمل والإنتاج.
التقينا مع هدى، بزيّها الأسود، تقف خلف ماكينة الخياطة وكأنها جزء منها، تتّحد معها في ذات المصير، حدثتنا بلغة الإشارة وأمها تترجم لنا:
” أنا أريد مساعدة أهلي ولا أريد أن أكون عالةً، أو صاحبة إعاقة، لذلك قررت العمل والبحث عن دخل لي ولأسرتي ”
لم تتوقف اهتمامات هدى عند الخياطة فحسب، فهي صاحبة حس مرهف كما تقول والدتها ، تهتم بالحيوانات الأليفة ولديها ثلاث قطط صغيرة ، و تعشق الشطرنج، وتلعبه يوميا مع والدها، الذي رفض الحديث، تاركاً المجال لوالدتها لتتكلم عن ابنتها التي تفخر بها أشد الفخر،
حيث قالت :
” إن هدى منذ صغرها موهوبة وتحب التميّز ولا ترضى أن تكون فتاة عادية فهي تهوى العمل و تحب لعب الشطرنج والعناية بقططها ”
هدى التي تحتاج لعمل جراحي لإعادة بعض السمع لإذنها ، تعمل ليل نهارٍ ، دون كللٍ أو ملل، تخيط لجاراتها ولمعارفها مختلف أنواع الأقمشة ، وتُصلح الثياب المهترئة، التي يُكثرُ من لبسها السوريين، بسبب أحوال بلادهم القاسية ، تعمل بأجرٍ زهيد، يكفي لبعض الطعام والشراب ، وأجرة المنزل المهترئ الذي تقيم فيه العائلة، بعد سنوات من حياة الخيام.
تقول والدتها:
“ابنتي بحاجة لعمل جراحي عاجل ونحن لا نملك أي قرش من أجر العملية قال الطبيب أن العمل الجراحي قد يعيد لها بعض من سمعها وانا أناشد كل الجهات الطبية لمساعدتها ”
هدى تخبر والدتها بعزيمةٍ قوية “بلغة الإشارة اللغة التي تتقنها” أن طموحها كبير وأنها ستصنع المعجزة وستنقل أهلها لحياة أفضل من حياتهم التعيسة التي يعيشونها ، وإنها ستصنع الأمل من الألم ….
بقلم ضياء عسود