تجهيزات للاحتفال بعيد الأم في 21 مارس من كل عام كتمجيد للأم وتضحيتها مقابل أبنائها ومنزلها، أسواق تعج بالناس الذين يقتنون الهدايا لأمهاتهم، فرحة عارمة تملأ المكان قبل القلوب، حلويات محمولة بالأيدي، لكن كل تلك الأجواء اشتاقت إليها الأم السورية وأبناؤها منذ اندلاع الثورة السورية إلى الآن.
فقط الأم السورية هي المعتقلة، الشهيدة، المخطوفة، المعيلة، والشاهدة على فقد أبنائها بكل صبر وقلب متعب، فهل حقاً ستشهد سوريا في 2016 عيداً للأم؟، بعد أن قدمت سوريا أكثر من 5 آلاف أم شهيدة سقطن معظمهن على يد قوات الأسد داخل وخارج معتقلات النظام أو تحت آلية قصف النظام العشوائية، تاركين خلفهم أيتاماً وصل عددهم إلى ما يفوق المليوني طفل، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
تحول عيد الأم في سوريا لأوجاع أتعبت الجميع وغطت الأجواء بحزن غمر نفوس الأمهات الثكالى والأيتام، لأنه لا يوجد منزل في سوريا إلا وسلبته الحرب أحد أفراد العائلة، ومن ما زال يحتفظ بحق العائلة الواحدة من غير نقص وأراد أن يحتفل جعل من لذاك العيد مظاهر احتفال لكن بشكل خفي حرصاً على من حوله كانت قد آذتهم الحرب.
ما يقارب العشرون ألف طفل شهيد في سوريا، وكلهم زرعوا بذاكرة أمهاتهم تفاصيل لا تقوى على نسيانها ذاكرة ولا يتحملها عقل ففي ظرف دقيقة تخسر الأم ولدها الذي حملته في أحشائها تسعة شهور لتعيش بعده السنين متحسرة على صورته وكلمته المستحيلة العودة.
مئات الآلاف من الشباب هاجروا من سوريا للدول الأوربية كلاجئين تاركين ورائهم لوعة وشوق امرأة ربتهم منذ نعومة أطفالهم إلى ريعان شبابهم ثم لجوئهم، أم محمد من مدينة حلب تقول:” نعم ودعت ابني ودفعته للهجرة إلى الخارج، لأن هذا الوداع أفضل من فراق الموت إذا ما بقي في سوريا، فهو أقل شيء في أوربا بخير”.
حفلات أقامها النظام لتكريم الشهداء بمناسبة عيد الأم في مكتبة الأسد بدمشق وفي الساحل السوري وكأنه يقول أن أمهات سوريا وأبناء الشهداء مقتصرين فقط على مناطق سيطرته والبقية هم إرهابين غبر معترف بهم، متناسياً وضع الأمهات في المناطق الخارجة عن سيطرته اللواتي بفضل قواته وأسلحته أفقدهن أغلى ما يملكون سواء أزواجهن أم أولادهن مما جعلهن يتحملن العبء الأكبر في مدنهم السورية أو في المخيمات الحدودية، هذا غير معاناتهن في أقبية النظام عندما سجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان العام الماضي ما يزيد عن 11 حالة ولادة داخل المحتجزات الحكومية فضلاً عن استخدامها كوسيلة ضغط من قبل النظام على الآباء والأبناء للإدلاء باعترافات مزيفة أو لتسليم أنفسهم، عدا ما لا يقل عن 85 ألف حالة ولادة في دول الطوق المحيطة بسوريا والتي زادت من قلق الأمهات على مستقبل أطفالهن المحرومين من الجنسية.
سالي من مدينة إدلب فقدت والدتها إثر صاروخ من طائرات النظام على منزلهم تقول بمناسبة عيد الأم:” ماما ما ماتت هي سبقتنا عالجنة ولأنو ما رح اقدر اهديها وردة بعيدها بس بدي خبرها حكي لأنها أكيد سمعانتو إني بحبها كتير وأنا عم انتبه لأخواتي الصغار متلها مشان تتطمني يا ماما”.
” أم الشهيد، نحنا ولادك ” شعار رفعه المتظاهرون مع بداية مظاهراتهم السلمية لإدراكهم حجم الألم الذي يعتري نفوس الأمهات بعد استشهاد أولادهم، خاصة في عيد الأم اللواتي كثيراً منهن قضينه على قبور أولادهن باللباس الأسود، ويقابلهن أطفالاً غطت دموعهم قبور أمهاتهم، بعد أن بعدت المسافات ولم يبقى سوى الكلمات للتعبير عن المحبة كونها الهدية الوحيدة التي من الممكن أنت تصل للشهداء.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن