سارة أرادت الحصول على وظيفة في إحدى المنظمات غير البعيدة.. وكانت أهم الشروط خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال العمل المطلوب، وجدت نفسها مع فتاة أخرى (ندة) لها تملك شهادة مزورة تحقق الشروط المطلوبة وأكثر.
قدم لها العون و(الدعم اللوجستي) أحد المزورين (عبدو) ممن حازوا أختاما شبيهة بالمعتمدة لتزوير مختلف الشهادات تستعمل في يومنا هذا..” تتراوح لائحة الأسعار بين 600 $ للشهادة الثانوية، 1200 $ للإجازة، 1500$ للماجستير، 2000 $ للدكتوراه “.
ويتبجح بدقة عمله وجودته قائلا “إذا طبعت شهادة بأختام مطبوعة عن طريق الحاسوب فلن تستفيد منها؛ لأنها ستنكشف فوراً.. أما في حال طبعت الشهادة وختمت عليها بالختم الحي فكأنك جلبت شهادتك من مديرية الامتحانات في سوريا”.
سارة خريجة علاج فيزيائي عام 2015 لم تجد مكانا لمزاولة عملها في ظل الوضع الراهن في البلد، فعقدت العزم على السفر إلى تركيا؛ للحصول على حياة جديدة والعمل باختصاصها. كانت الشهادة شرطا للتقدم للعمل، وهي تملكها، وتجيد اللغة، بقيت الخبرة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال العلاج الفيزيائي.
وقفت حائرة أمام هذا الأخير لم يقبلوا أن يجروا المقابلة معها دون توفر وثيقة الخبرة، بذلت جهدها لتصل إليه ” قلتلن عملوا فحص المقابلة ومستعدة لكل شيء أسئلة، واثقة من معلوماتي ما بدي شي تاني، بس اختبروني، وبعدا قرروا.. ما رضيوا.. وراحت الوظيفة “.
تكمل سارة مقارنة نفسها بغيرها ممن قدمن للوظيفة ذاتها “كانت جنبي بالمركز الي عم قدم فيه آنسة اسمها سلوى عرفت بعدين إنها إلي أخدت الشاغر جابت شهادة مزورة بتخص العلاج الفيزيائي ودليل شغل لتلت سنوات بالمجال كمان موقعة من منظمة بيشتغل فيها زوجا، وبقدرة قادر ماحدا حسن يكشف التزوير ومشت اللعبة على الجميع”، وكل شي صار هو:
– الشهادة الاختصاصية؟
– موجودة
– تمام.
– الخبرة؟
– دليل شغل كم سنة.. موجودة.
– تمام.
– بتبدي شغل من أول الأسبوع.. مبارك التوظيف!
وبذلك نالت وظيفة بمركز مختص، وبأجرة عالية ودوام طبيعي.. الفرق بينهما بالقبول شهاداتها المزورة.
تمتعض سارة في خلال حديثها “استغربت وقت حكولي عنها، سلوى خريجة معهد صحي ما شاغلة باختصاص الفيزيائي، كل ماهناك أنها أخدت شهادة مزورة عليها تخرج علاج فيزيائي وإلي بزور شهادة تخرج مو صعب عليه يحصّل شهادة الخبرة “.. تبتسم سارة وتضيف عبارة مؤلمة “ومثلها كثيرون”.
نور تعمل منذ ثلاث سنوات في المجال الطبي، يعلم الجميع أنها تملك شهادة تخرجها، لكن في الحقيقة لم تملكها قط! حتى إنها ما درست شيئاً، فليس معها حقيقةً إلا شهادة الإعدادية..
يقول أحد الأطباء الذين كانوا عوناً لمساعدتها ” نور كانت تشتغل سكرتارية بالمركز معنا، لما سكر المركز تواسطت لها عند زميلي يدربها ويشغلها بمركزه”.
وحقيقةً هذا ما جرى: جاءت لا تملك من الخبرة في هذا المجال شيئا دربها أحد أطباء المركز القديم رويداً رويداً.. وحصلت على شهادة ممارسة المهنة وخبرة.. ثم قامت بتعديل ألـ (CV) إلى (خبرة وتخصص).
واتبعت نصيحة مديرها في شراء شهادة لإضافتها على رصيدها، ” قلي المدير ليش ما بتجيبي شهادة ما بتكلفك كتير مصاري. بس بتفيدك؟، فينك تغيري مكان شغلك مستقبلا.. أساساً عندك سنوات بالشغل وناس بيمدحوك.. وهيك بتحسّني من وضعك”. وها هي اليوم تتنقّل بالسلم الوظيفي على حساب جميع الأكفاء بحجة التخصص والخبرات.. ولم تعد فقط متساوية مع باقي الموظفين في السلك ذاته، إذ إنها تطمح للعلو والتقدم.
هل سنجد من سيكافح هذي الظواهر في المستقبل أم نقطع الآمال بإيجاد حلول تحفظ حقوق الأكفاء وجهدهم؟
يارا التامر – المركز الصحفي السوري