أسقطت انتخابات الثلاثاء الماضي، في إسرائيل “يائير لابيد” زعيم ائتلاف عرف بالوسطي، والذي تشكل من المحافظين والليبراليين والسياسيين العرب بعد أكثر من 18 شهرا في السلطة، وأعادت للواجهة الحزب اليميني المتطرف بقيادة بينيامين نيتنياهو.
الفترة السابقة من الحكم:
علاقة قوية لنيتنياهو مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب 2017-2021 دعمت إدارة ترامب فيها المشاريع الاستيطانية، واعترفت خلالها، بالقدس عاصمة مزعومة لإسرائيل ونقلت سفارة واشنطن من تل أبيب إليها، وكما اعترفت بسيادة إسرائيل على الجولان.
وخلال فترة حكم نيتنياهو الممتدة 12 عاما، شن الجيش الإسرائيلي عدة عمليات عسكرية على قطاع غزة، بما في ذلك عدوان عام 2012 المعروف إسرائيليا بـ”عامود السحاب”، وعدوان 2014، “الجرف الصامد” والعدوان الأخير “حارس الأسوار” في أيار الماضي، وخلفت العمليات الثلاث ارتقاء 2741 شهيدا فلسطينيا وآلاف المصابين.
الوصول إلى الحكم
لقد عكست نتائج الانتخابات التوجهات العامة للقوى الاجتماعية الرئيسة في المجتمع الإسرائيلي.
فالانتخابات الأخيرة شهدت في الواقع تنافسا بين القوى اليمينية والدينية المتطرفة المؤيدة له، والحركات والأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية التي جلّها يتبنّى مواقف يمينية.
وأضحى حليف نينياهو “بن غفير” القوة الأولى، والذي يحمل خطابا عنصريا ساديا مفاده نحن “أسياد الأرض”، إذ نجح نتنياهو باستنفار وتجنيد مؤيديه من خلال رص الصفوف وإضفاء الشرعية على بن غفير وآخرين، مقابل هشاشة ما سُميَ “بكتلة التغيير” واستمرار تآكل النخب التقليدية المتمثلة بجنرالات الجيش، النظام القضائي والأكاديمي.
“أسياد الأرض” وخشية أمريكا من خطاب التطرف اليميني:
تخشى الولايات المتحدة والغرب وبعض العرب من أن مشاركة الوزراء المتطرفين في الحكومة المقبلة قد تؤدي بإسرائيل إلى أن تصبح معادية للنظام الغربي، بتشكيل تحالف عسكري محافظ معقد يعتمد على أعضاء متطرفين يتعهدون علانية بتغيير النظام السياسي من خلال إجراءات تعسفية، هذا النظام الذي أنشأته الولايات المتحدة، والذي بفضله اكتسبت إسرائيل سورا أمنيا واقتصاديا في العقود الأخيرة.
فتحالف نيتنياهو مع القوى المتطرفة، التي تتبنى خطاب الكراهية والتوسع، سيعيد إلى ذهن نيتنياهو خطته الماضية بقضم30% من الضفة الغربية، وهذه الأسماء، التي أشارت إليها الولايات المتحدة مثل “إيتامار بن غفير” و”بتسلئيل سموتريتش” من الحزب الصهيوني الديني، الحزب المعروف بتحرشه حتى لعرب ال48، وتقود توغلات المستوطنين للمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وتنظيم مسيرات العلم وذبح الأضحيات.
لم يعودوا يمثلون أنفسهم فحسب ، بل إنهم يقودون مجموعة كبيرة من الجناح اليميني وأصبحوا أكثر شعبية، ستستغل ولع نيتنباهو بالسلطة لتحقيق أهدافها مقابل التحالفات.
تخوف داخل إسرائيل
القلق من تنامي حركات العنصرية السائدة في إسرائيل لا يقتصر على الفلسطينيين فقط، هناك إسرائيليون يشاركونهم هذا القلق أيضا، وإن كان ذلك من زاوية أخرى.
يمكن لهذه العنصرية أن تقود البلاد إلى كارثة حقيقية، بالنظر إلى تزايد معدلات التطرف اليهودي تجاه الفلسطينيين ومعارضة الأفكار العلمانية، تتزايد مخاوف الإسرائيليين ، وهم مرعوبون من التفكير، أن هؤلاء المتطرفين سيكونون جزءا مهما من الحكومة المقبلة.
الخشية من برود العلاقات مع بايدن بعكس المحور الآخر
ومن المعروف أن نيتنياهو يمتلك علاقات شخصية قوية، مع فلاديمير بوتين زعيم المحور المعارض للولايات المتحدة، وعلاقات فاترة مع المعسكر الغربي، وخاصة مع إدارة جو بايدن، هذا الطرح يزيد التساؤلات حول مستقبل التموضع الإسرائيلي، بعد الحرب الأوكرانية، وما مدى استمرارية الخلافات مع الطرف الإيراني، وهل تنضم إسرائيل لحلف الصين وروسيا؟
عادل الأحمد/ تقرير سياسي