مهدي عقبائي
منذ أن شرع النظام الإيراني بالتدخل في شؤون بلدان المنطقة، وفرض هيمنته ونفوذه على أربعة منها، فإنَّه يسعى جاهدًا من أجل توسيع رقعة نفوذه وجعلها تشمل دولًا أخرى، وهو يحاول تحقيق هدفه هذا من خلال اتباع سياسة إثارة الحروب والمواجهات وبث الفتن.
قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني اسمه غلام علي رشيد، ويشغل منصب قائد المقر الرئيسي لقوات الحرس المعروف باسم مقر “خاتم الأنبياء”، صرح في وقت سابق قائلًا: “قمنا بتنظيم ستة جيوش، تشمل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي وأنصار الله في اليمن، وجيش في سوريا لحماية إيران”. أضاف: “الجيش في لبنان يُعرف باسم حزب الله، وهناك جيشان في فلسطين المحتلة يُعرفان باسم حماس والجهاد الإسلامي، ويُعرف الجيش في العراق باسم الحشد الشعبي، وفي اليمن يُعرف بأنصار الله، وجيش في سوريا، وتُعتبر كل هذه القوات رادعًا لبلدنا الحبيب، إيران”.
التصريح لم ينشره معارضو النظام، بل هو تصريح رسمي صادر عن قائد رفيع المستوى في الحرس الثوري، وقد نشرته وكالة فارس الحكومية التابعة لقوات الحرس الإيراني.
وإذا صحَّ أنَّ النظام الايراني يسعى من دون هوادة من أجل تحقيق أهدافه، فمن المهم ملاحظة أن سعيه ذاك لا يتم عن طريق مباشر من قبله، وإنما عبر وکلائه في المنطقة، ويمثلون في الحقيقة امتدادًا له، وقد تم الکشف عن معلومات دامغة تكشف العلاقة المشبوهة بين النظام وبين وکلائه من خلال جهاز الحرس الثوري، وتحديدًا فيلق القدس الإرهابي.
هذا النظام، وبالطريقة التي أشرنا إليها آنفًا، يمارس الکذب والتمويه على بلدان المنطقة والعالم بأسره بالادعاء أن لا علاقة تربطه بأذرعه في المنطقة، وأن ما يفعله وکلاؤه شأن خاص بهم، فيما هؤلاء عبارة عن بنادق تحت الطلب، يأتمرون بأمره، ولا يخطون خطوة إلا بعد أخذ الإذن منه.
عندما يقوم النظام الإيراني بإثارة الحروب وإشعالها وإشغال بلدان المنطقة والعالم بها، يتعين على الجميع أن ينتبهوا جيدًا إلى حرصه غير العادي على إبقاء نار هذه الحروب بعيدة عنه، وذلك من خلال تکتيك مفضوح، بالزعم أن ما يقوم به الوكيل شأن خاص بذاك الوكيل. أمَّا حرصه هذا فمبني على أساس خوفه من وصول النار إليه، لأن وضعه، کما أثبتت الانتفاضة الوطنية الأخيرة، هش، وليس بإمكانه احتواء أي تطور نوعي في انتفاضة الشعب الإيراني، خصوصاً أن الشعب حانق وغاضب، والاحتجاجات الشعبية، إلى جانب نشاطات وحدات المقاومة، مستمرة وتتوسع یوماً بعد یوم، ويعلم النظام أن أخذ زمام المبادرة منه هذه المرة تعني نهايته الحتمية.
على بلدان المنطقة والعالم، لاسيما المتضررة منها، ألا تقف مکتوفة الأيدي أمام ألاعيب ومخططات النظام المشبوهة التي يقوم بتنفيذها، وتستهدف أمن واستقرار المنطقة والعالم، وذلك في سبيل تحقيق أهدافه المبيتة. ومن الضروي أن يجبر هذا النظام على تحمل عواقب مخططاته الخبيثة.
لقد حان الوقت لتبني استراتيجية جديدة لمواجهة الأنشطة والمخططات المشبوهة لهذا النظام، وبشكل خاص فيما يتعلق بإثارة الحروب وتقويض الأمان والاستقرار. يتعين وضع الأوضاع الداخلية في إيران في مركز الاهتمام، حيث يظهر واضحاً غضب الشعب ورغبته في إسقاط النظام. بالإضافة إلى ذلك، ثمة بديل سياسي مستعد ومتأصل يقف وراء معظم الجهود المضادة، وخاصة في سياق الانتفاضات المتوالية. ينبغي الرد بفعالية من خلال دعم وتشجيع النضال الشعبي، الجيش السابع المغلول اليدين، من أجل الحرية والتغيير، أو كما أكد مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي السابق: “من أكبر الأكاذيب التي يروّج لها النظام الحاكم في إيران أمام العالم، أنه لا يوجد بديل للاستبداد والقمع في إيران. ولكن هناك بديل، مُنظم ومجهز ومؤهل، ويحظى بتأييد الشعب”.