خلقت الثورة السورية من رحم المعاناة والتعذيب التي مارستها أفرع نظام بشار الأسد وأباه حافظ الذي أورث له ضباطاً ومخابرات لا تعرف سوى القتل والتعذيب والسجن والمداهمات والحرمان وكانت لهم تجربة طويلة في قتل وإذلال الشعب السوري في الفترة منذ عام 1979 إلى عام 1982 لينتهي المطاف بالنظام الذي قتل عشرات الآلاف من المدنيين بتهمة الإخوان المسلمين .
وبعد تلك الأحداث هاجر عشرات الآلاف من السوريين ليبقى البلد خاليا من أي أصوات سوى صوت خطوات الجلاد وسوطه في زنازين النظام المظلمة وصوت خطوات المحقق الذي أبرم الحكم قبل اجراء التحقيق هذا إن كان هناك تحقق أصلاً .
مضت السنون والأيام على الشعب السوري وكل أب يقص على أولاده بجانب المدفأة حكاية النظام وكيف اعتقلوا عمهم وتقص الأم على طفلها وتريه صورة أباه بالأسود والأبيض, ويسألها متى سيعود لا تدري من أين تأتي بجواب فينطق لسانها مرتجفاً عندما يأتي الفرج من الله .
في شهر آذار عام 2011 جاء الفرج وصاح وصدح الشعب بصوت عم الكرة الأرضية .. الشعب يريد إسقاط النظام … نعم سقط النظام في عيون السوريين وحتى في عيون مؤيديه لكنه لم يسقط في عيون ملوك ورؤساء الدول , فاللعبة الإيرانية بدأت والثورة اشتعلت والنار أوقدت والنساء قتلت والبراميل انفجرت والصواريخ أطلقت والملوك والرؤساء أسكتت .
نظر ملوك وأمراء الخليج وبدأوا بالشجب والإدانة لما يحصل للشعب السوري من القتل والقصف والتهجير وكل منهم أغلق بابة بإحكام وينادي من النافذة الصغيرة انقذوا السوريين ارحموا السوريين من الجلاد بشار ويقع النازحون على حدودهم وينخونهم نخوة عربية كل باسمه لكن ما تزال الأبواب مغلقة ولو أن لبنان والأردن استقبلوا مليوني سوري في بداية الثورة لكنهم يهددونهم بالتهجير والعودة الإجبارية إلى حكم الأسد .
تنوي لبنان منذ شهرين إخراج اللاجئين السوريين من أراضيها وتعيدهم إلى بشار الأسد فكيف يستطيع أبا الشهيد النظر بوجه قاتل ولده الشاب وكيف يمكن للبنان أن ترسل الأمهات السوريات إلى من اغتصب بناتهن وكيف للبنان أن تهدم مخيمات النزوح في عرسال وتحمل السوريين مكرهين إلى دمشق .
ماذا فعلت الدول العربية التي طالما ناداهم الشعب السوري … وااا إخوتاه … ألم يأن لملوك العرب أن تخشع قلوبهم لذكر الله ألم يأن لرؤساء العرب فتح أبوابهم للسوريين النازحين حتى هذا العمل البسيط فهل يخجلون من النظام وإيران وروسيا إذا فتحوا أبوابهم للأطفال سوريا .
أطفال سوريا فخر للبلد الذي يدخلون إليه …. حتى في ألمانيا المتفوقة تكنلوجيا وعلميا واقتصاديا تفوق السوريين على أقرانهم من الأطفال والشباب علميا وثقافيا، أما في لبنان لم يتفوقوا لأنهم حبسوا وسجنوا في مخيماتهم دون وجود مدارس ومنظمات تعتني بهم بل تعرضوا للإهانة فأصبحوا منبوذين من الذين يدعون أن سوريا ولبنان أشقاء .
رؤوساء وملوك العرب استفادوا من الثورة السورية وبدأوا يهددون شعبهم أنظروا إلى سوريا وماذا حصل بشعبها بعد أن طالب بالحرية و إسقاط النظام وهم يدركون أنهم متهالكون هلكى ويهلكون أثناء جلوسهم على كراسيهم المزركشة المرصعة ويعلمون أن انتصار الثورة السورية ستكون فاتحة شر عليهم في بلدانهم فالحبل جرار .
في اليمن حدثت ثورة مشابهة للثورة السورية فوجد ندان متصارعان وقطبان داعمان لكن القطب الخليجي شكل تحالف عسكري لمساعدة الشرعية على الحوثيين المدعومين من إيران فلماذا لم تنصروا المظلومين في سوريا .
ليس اللوم على أهل الخليج العربي فمصر أرسلت طياريها وجنودها إلى جانب النظام تهدر آخر قطرة من دماء الأطفال السوريين ودول المغرب العربي ليست مكترثة بل ربما لم نسمع أي تصريح رسمي لرؤسائهم وملوكهم بشأن ما يجري لكن للجزائر موقف مؤيد للنظام لن ينساه السوريون .
لقد عُلمنا في صغرنا, أن العود محمي بحزمته, وضعيف حين ينفرد فلماذا انفردتم عنا أيها العرب وتركتم السوريون يذبحون داخل بيوتهم, وتغتصب الحرة أمام أخيها وأبيها, لكن كنا منخدعين بكم وكنا في السابق نعلم أن السوري يجني التمر من بغداد في سوريا ويمر بشاطئ البحرين في السودان, ويأكل الزيتون من تونس في لبنان ويمد يده ليصافح المصري يجد كل العرب مصافحين, وكنا نظن أن إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, لكن أمهاتنا علمننا بأن الضمآن لا يرتوي إلا بكفيه .
المركز الصحفي السوري ــ خاطر محمود