شهدت العديد من المدن و البلدات السورية التي تحتوي على أوابد ومناطق أثرية وتاريخية تعود لآلاف السنين.. شهدت قصفاً ومعاركَ بين قوات النظام السوري ومعارضيه، وأدى ذلك إلى التدمير والتخريب, وكان الخاسر الأكبر لما حدث ويحدث هو سورية وشعبها و تاريخها وحضارتها التي تمتد لعصور متعددة.
كان النظام السوري و ميليشياته السبّاق ولا يزال في عملية التدمير والتخريب والسرقة, فمن درعا جنوباً مروراً بحمص حتى حلب شمالاً كانت آلة النظام العسكرية تتخذ العديد من تلك الأوابد مقرات لها وتتمركز فيها من جهة وتستهدف أخرى من جهة ثانية.
ففي ريف دمشق تعرضت عدة أوابد أثرية ومعابد تاريخية في مدن القلمون من قبل آلة النظام العسكرية أثناء تواجد كتائب المعارضة في تلك المناطق، ولعل أهمها دير الشيروبيم الذي أصبح اليوم مقراً عسكرياً لعناصر النظام ومدافعه نظراً لموقعه الاستراتيجي في المنطقة.
وفي مناطق وسط سورية تعرّضت قلعة الحصن غرب حمص إلى أنواع شتى من القصف والدمار أثناء تواجد كتائب المعارضة فيها وفي محيطها.. وكان لحمص المدينة النصيب الأكبر من الدمار الذي لحق بأحيائها القديمة و جوامعها و كنائسها التاريخية كجامع خالد بن الوليد في حي الخالدية و كنيسة أم الزنار في حي الحميدية وعدة قصور تاريخية أخرى أثناء المعارك التي جرت في تلك الأحياء.
أما في شرق حمص لا سيما في مدينة تدمر الأثرية و المصنّفة في قبل منظمة اليونسكو العالمية كأهم المواقع الأثرية السورية, فقد تعرضت آثار تلك المدينة لدمار و تصدّعات كبيرة من قبل مدافع النظام ورشاشاته التي كانت تستهدف عناصر المعارضة في منطقة البساتين المجاورة للحرم الأثري في المدينة.. وقد تعرض معبد بل والسور الأثري للهدم والتصدع في جدرانه و أعمدته, كما تعرضت المدافن الجنوبية الشرقية الأثرية لتصدعات عديدة و سرقات محتوياتها الثمينة من لوحات جنائزية و غيرها من اللوحات الجدارية الأثرية التي تعود إلى العصور القديمة لمملكة تدمر, وقد تم توثيق العديد من عمليات سرقة الآثار وبيعها، سواء من قبل عناصر النظام أو من عدد من العناصر المتسترين بغطاء الكتائب المعارضة.. وبعد أن اقتحمت قوات النظام منطقة بساتين تدمر و فرضت سيطرتها عليها لم تتوقف عملية التنقيب والبحث عن اللقى الأثرية من قبل عناصر تلك القوات و مسؤوليها في المدينة بحكم تمركزهم الحالي في عدة مواقع وفنادق ومقرات تقع ضمن المنطقة الأثرية، وقد منعوا الاقتراب منها إلا لعناصر الجيش أنفسهم، ومن أبرز تلك المواقع قلعة تدمر ( قلعة فخر الدين المعني الثاني ) و التي أصبحت بالنسبة لقوات النظام من أهم مواقع المراقبة والرصد والحشد، حيث تتمركز فيها عدة مدرعات و مدافع ثقيلة و رادارات مراقبة للمدينة و محيطها, كما يتمركز عناصر النظام في عدة فنادق تعود ملكيتها لأهالي المدينة أو لمستثمرين سوريين وتقع ضمن الحرم الأثري الذي يوجد في محيطه العديد من المدافن والمواقع الأثرية.
أما قصر الحير الشرقي وخان الكوم الأثري المجاور والواقعان في منطقة الطيبة شمال شرقي تدمر، فيخضعان منذ أكثر من سنتين لسيطرة تنظيم الدولة, وقد شهدت تلك المنطقة عدة معارك بين النظام والتنظيم أدت إلى دمار جزئي في أسوار القصر و محيطه.
وفي مدينة حلب التي تشهد معارك واشتباكات عنيفة بشكل يومي بين قوات النظام وكتائب المعارضة في أحياء حلب القديمة، ونتيجة لتمركز قوات النظام في قلعة حلب الأثرية و محيطها, فقد تعرض الجامع الأموي الكبير لدمار هائل جراء تواجد كتائب المعارضة في الأحياء القريبة منه، كما طال الدمار العديد من القصور التاريخية في أحياء حلب القديمة.
أما المواقع الأثرية في ريف إدلب, فقد تعرضت أيضاً للدمار والتخريب نتيجة المعارك التي دارت هناك، كما تعرضت لعمليات نهب وسرقة في ظل فلتان الوضع الأمني للمناطق التي تخضع لسيطرة الكتائب المعارضة، واستغلال ذلك من قبل تجار محسوبين على بعض القادة والعناصر التابعين لتلك الكتائب.
خالد عمران: مرآة سوريا