قالت صحيفة “التايمز” في تقرير لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، إن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ألمح إلى استمرار جهوده لتحقيق السلام في اليمن. وقال سبنسر إن نجاد الزعيم الصدامي السابق عاد للظهور بمناشدة للسلام في اليمن وسط شائعات عن طموحات جديدة له بالعودة إلى الرئاسة الإيرانية.
وأكد نجاد في تصريحات لـ”التايمز” أنه كتب رسالة شخصية إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كال له فيها المديح واقترح عليه التوصل لحل مقبل والخروج من الحرب. فالنزاع في اليمن الذي قتل عشرات الآلاف من اليمنيين وخلق أكبر كارثة إنسانية في العالم، وضع المتمردين اليمنيين الذين تدعمهم إيران أمام تحالف عسكري تقوده السعودية. وفي مكالمة هاتفية مع الرئيس السابق من طهران قال: “الحرب لا منطق لها ولا سبب واضحا خلفها” و”هي نتاج بعض التنافس وأيضا بعض التدخلات الدولية على مستوى المنطقة وخارجها”.
واعترف نجاد بتحمل كل من السعودية وإيران جزءا من المسؤولية عن النزاع. وأرسل نسخة عن الرسالة التي أرسلها إلى وزارة الخارجية الإيرانية، حيث ذهبت منها نسخة إلى عبد المالك الحوثي، زعيم المتمردين في اليمن، وأخرى إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش. وقال: “ننتظر الإجابة والتعليق من كل الأطراف” و”رد البعض ولكننا ننتظر تعليق الآخرين”.
وتقول الصحيفة إن نجاد عاد بطريقة غير متوقعة للأضواء العامة بشكل دعا بعض المعلقين للإشارة إلى الانتخابات الرئاسية الإيرانية العام المقبل. ورغم خلافه مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أثناء رئاسته بين عامي 2005 – 2013 إلا أن هناك نقصا في أصحاب التجربة والخبرة بالمعسكر المتشدد حيث سينهي المرشح المعتدل حسن روحاني فترته الثانية. ويمنع القانون الإيراني الرئيس الترشح بعد فترتين ولكنه لا يعترض على ترشحه بعد مرور فترة على مغادرته المنصب.
وتعلق الصحيفة أن نجاد يقدم الآن شخصية مختلفة، على الأقل على السطح. فقد دعا إيران إلى مصالحة مع منافستها السعودية وحتى التفكير بالتحادث مع الولايات المتحدة التي يطلق عليها “الشيطان الأكبر”.
وقال نجاد: “أؤمن بحرارة أن على الأمم العيش معا بسلام وصداقة” و”أينما وجدت الخلافات وأينما وجدت الحروب، فهي ضد الطبيعة الإنسانية”.
وتعلق الصحيفة أن الدبلوماسيين الإيرانيين يرفضون فكرة إعلان أحمدي نجاد عن دعوته من أجل فتح باب خلفي للغرب، خاصة أن الاقتصاد الإيراني يترنح تحت وطأة العقوبات الأمريكية وإستراتيجية “أقصى ضغط” لإجبار طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال نجاد إنه يتصرف كمواطن لكنه لا ينفي أن النظام مهتم بدعواته. وعندما سئل عن آخر مرة التقى فيها المرشد الأعلى وإن كانا قد دفنا خلافاتهما غير الموضوع وقال بالإنكليزية: “السؤال التالي”.
ورغم التزامه بعدم شجب السعودية والولايات المتحدة إلا أنه التزم بمواقف السياسة الخارجية الإيرانية. وقال إنه ليس نادما على خطابه الناري في الأمم المتحدة حيث اتهم الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالطغاة الذين يطلقون النار بفرح والقوى المتغطرسة التي تريد أن تغرق العالم بالفقر من خلال المغامرات العسكرية. وقال إنه وصل إلى السلطة عندما كانت بلاده تتعرض للتهديد وإنه تحدث مدافعا عنها: “لو هدد بلد بلدك ماذا ستفعل؟ فهل ستبقى ساكتا؟”. وأكد ألا مشكلة له مع الإسرائيليين أو كما قال: “الناس الذين يعيشون في ظل النظام الصهيوني” ولكن مشكلته مع النظام.
ودافع عن البرنامج النووي الإيراني قائلا إنه عرض مشاركة التقدم التكنولوجي مع الملك عبد الله. ولكنه راوغ في بعض إجاباته عن الغرب ونقد للجماعات المتشددة في بلاده. ولم يطالب بالإفراج الكامل عن البريطانية- الإيرانية نازنين زغاري – راتكليف أو كايلي مور- غيلبرت اللتين اعتقلتا في إيران بتهمة التجسس.
وأشار إلى ضرورة الإفراج عن السجناء الإيرانيين في الخارج، لافتا إلى أن الإفراج يجب ألا يكون من طرف واحد فقط. وقال إنه ضد أي شيء يمنع “الناس العاديين” من السفر، مضيفا: “أعتقد أن هناك أناسا في كل الدول يعارضون إقامة علاقات بين الناس”.
ومع أن نجاد وصل إلى السلطة بدعم من المرشد الأعلى إلا أن صعوده إلى السلطة جاء لكونه تكنوقراط وليس ثوريا، حيث حظي بشعبية وسط الطبقات العاملة التي وفر لها السكن الرخيص. وهي نفسها الطبقات التي احتجت على الفقر وقلة الخدمات.
وقال محمد مارديني، المحلل المقرب من المؤسسة الإيرانية، إن نجاد لا يزال يتمتع بشعبية وسط قطاع من الناخبين لكن مجلس حماية النظام سيرفض طلبه. وقال مارديني إن دعوات نجاد للغرب لم تحظ بدعم من المرشد “فهي تحرك منه”.
نقلا عن القدس العربي