قال خبراء روس إن الاقتصاد والملف السوري والعلاقات الثنائية ستشكل أولوية في أجندة اللقاء المرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة سان بطرسبرغ الثلاثاء المقبل، وهو الأول الذي يجمع الاثنين منذ توتر العلاقات بين البلدين نهاية العام الماضي.
وفي حديث للأناضول قال “يفغيني مينتشانكو”، رئيس شركة “مينتشانكو” الإستشارية بروسيا، الخبير في العلوم السياسية، إن “الدولتين تعلقان آمالًا كبيرة على نتائج اللقاء لاسيما فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية”.
وأشار إلى أن اللقاء سيتمحور في عنوانين رئيسيين هما “الاقتصاد والملف السوري”، مضيفاً “لن تكون المحادثات المتعلقة بسوريا سهلة، واعتقد أنه لا يمكن اتخاذ قرارات مهمة حول هذا الشأن في لقاء واحد”.
أما فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية، فالجانبين ينتظران نتائج هامة للغاية، وفق “مينتشانكو” الذي رأى أنه ينبغي التركيز على القضايا من هذا النوع “لأن أفضل الفترات التي شهدت فيها العلاقات الثنائية بين البلدين تحسنا، هي تلك التي ارتفع التعاون الاقتصادي فيها لأعلى مستوياته”.
من جانبه، قال “بوريس دولغوف”، عضو هيئة تدريس في مركز “الدراسات العربية والإسلامية” التابع لأكاديمية العلوم الروسية إن زيارة أردوغان “ستحظى بأهمية كبرى فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين أنقرة وموسكو”.
ولفت الأكاديمي الروسي إلى أن أجندة الزيارة “ستتضمن قضايا اقتصادية وسياسية وثقافية ومجالات أخرى”، معرباً عن اعتقاده أنه سيجري استئناف المشاريع الاقتصادية والتجارية المعلقة، لاسيما خطوط أنبوب نقل الغاز، وبناء محطة نووية، ورفع القيود عن الأغذية، والسياحة”.
سياسياً، رأى “دولغوف” أن موسكو “وإن كانت تنتظر من تركيا اتخاذ بعض الخطوات فيما يتعلق بالملف السوري، فعليها أن تتخلى عن دعم الأكراد (في إشارة إلى منظمة “ب ي د” الذراع السوري لـ “بي كا كا” الإرهابية)”.
وأوضح أن الشروط الخارجية الناجمة عن السياسة العالمية ساهمت في تقارب موسكو وأنقرة، مستطرداً في هذا الصدد “أمريكا خانت تركيا عبر دعمها فتح الله غولن (زعيم منظمة الكيان الموازي الإرهابية المتهمة في تركيا بالتغلغل في مفاصل الدولة وتدبير المحاولة الانقلابية التي وقعت منتصف يوليو/تموز الماضي)، كما أن مواقفها من الأكراد أيضا واضحة”.
“أندري ليستوفسكي”، مدير عام صندوق تنمية الطاقة الروسي، لفت بدوره، إلى أن مشروع خط أنابيب نقل الغاز الذي يعرف باسم “السيل التركي” “سيكون أحد أهم القضايا التي ستطرح للنقاش، خلال اللقاء المرتقب بين أردوغان وبوتين”.
وقال إن “موسكو تبتعد عن نقل الغاز عبر أوكرانيا بسبب عدم الاستقرار السياسي فيها (على خلفية صراع بين الحكومة وموالين لموسكو شرقي البلاد).
وأردف بالقول: “لهذا السبب، فإن روسيا تحتاج خط أنبوب نقل جديد، وأهم ليكون بديلًا لها، وبالفعل وجدت ضالتها في خط السيل التركي”.
وفي نهاية الشهر الماضي، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، عن استئناف المحادثات مع تركيا مجدداً، حول مشروع خط “السيل التركي”.
وأعلنت روسيا، مطلع ديسمبر/كانون أول 2014، إلغاء المشروع الذي كان يمر من تحت البحر الأسود عبر بلغاريا إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، وتخلت عنه بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكاراً للمشروع من قبل شركة الغاز الروسية “غاز بروم”.
وبدلاً منه، قررت روسيا مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا من خلال “السيل التركي”، ليصل إلى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده فيما بعد لمستهلكي جنوبي أوروبا.
ومن المتوقع أن يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي في الخط، 63 مليار متر مكعب سنويًا، منها 47 مليار ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 للاستهلاك التركي.
وشهدت المباحثات حول المشروع جمودا بعد توتر العلاقات بين روسيا وتركيا في نهاية العام الماضي، على خلفية حادثة إسقاط الدفاعات التركية لطائرة روسية.
وسبق لمقاتلتين تركيتين من طراز “إف – 16″، أن أسقطتا مقاتلة روسية من طراز “سوخوي – 24″، في نوفمبر/ تشرين ثان 2015، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي (جنوبًا).
وبدأت العلاقات بالعودة إلى طبيعتها بين موسكو وأنقرة، عقب إرسال الرئيس التركي، رسالة إلى نظيره الروسي، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أعرب فيها عن حزنه حيال إسقاط الطائرة الروسية، وتعاطفه مع أسرة الطيار القتيل.
الأناضول