المركز الصحفي السوري
إبراهيم ناصيف
إن المهيمنين بهذا العالم يتآمرون لصناعة الخوف. هل تعلم أن 1500 جريدة ، و 1100 مجلة ، و9000 محطة راديو ، و1500 محطة تلفزيون ، و2400 ناشر … جميعها تعود لست شركات فقط ؟ !!
في السنة الماضية قامت مظاهرة مليونية في عاصمتين أوربيتين تنديداً بالإعلام المسيء للإسلام.
هل تعلم ماهي العاصمتين؟.. ،إنهما مدريد وباريس لكن الخبر طُمِس وأُذيع بشكل مُقزم جداً وجُلّ ماحمله هو أن بضع مئات من الإسلاميين تظاهروا في باكستان ضد الرسوم الكاريكاتورية .
كيف يمكن للعالم تفسير ماتم من تعتيم آن ذاك ؟
يقول ” كارل شميث ” أحد أهم المفكرين الألمان وأكثرهم إشكالية في القرن المنصرم : ( لأجل أن يكون لديك مجتمعاً متماسكاً لابدّ أن يكون هناك شبح عدو خارجي )
ماقاله شميث ربما يدعو للمراجعة المشروعة عند كل محاولة لفهم الأحداث التي قد تكون مفصل تاريخي قبل بت حكمنا عليها.
هنا لاأدّعي الدفاع عن منفذي عملية الهجوم على الصحيفة الباريسية قبل عدّة أيام , إنما أطرح سؤالاً جنائياً بسيطاً: من المستفيد جرّاء مثل هكذا عمليات ؟
هذا سؤال قد ينتج عنه احتمالين أو اجابتين
أولهما: إن الفوضى مازالت خلاقة وأن الغرب يستثمرها حتى في أرضه وأنه مازال ينتج الألاعيب المخابراتية الإعلامية كما ينبغي , هذا ماذهبت إليه آراء الكثير من المهتمين
يقول الكاتب الأمريكي ” نعوم تشومسكي” في كتابه الأشهر ( السيطرة على الإعلام )
_ الإعلام هو تلك الآلة التي يمكنها توجيه الرأي العام وإبعاده إلى شيء آخر وتحويله إلى النقيض _.
ماهي نسبة امكانية تطابق هذا مع حقيقة الأمر ؟… ليس بعيداً عن الحكومات اقتراف حوادث من هذا القبيل لتبرير أمر تنوي القيام به فالتاريخ مترع ومكرر بهذا الشأن.
ثانيهما: ماذا عن نظام يمتلك قواعد بيانات عملاقة لمجموعات إرهابية منتشرة على في المعمورة وأنحاء الكوكب
فمتذ ثمانينيات القرن الماض بدأ النظام السوري يراكم قدراته في هذا المجال واستثمارها على نحو جيد أثناء حرب العراق 2003 ، فكان يستقبل ويودع الارهابيين من شتى الأصقاع وإلى العراق
ثم يستقبل العائدين من العراق ليستثمرهم بمكان آخر من العالم ترغيباً وترهياً وابتزازاً .. ولم يتوان عن ذلك
وبلغ ذروته بهذا المجال في الأعوام الأخيرة قبل الثورة فجعل لهذه المجموعات ذيول كثيرة في هذا العالم , ولاأحد ينسى تصريحات مفتيه “حسون” و التي هدد بها العالم ولوّح بالتفجيرات بشكل صريح.. لم تكن عن عبث ..البتة
لكن الغرب يرغب بتناسيها لسبب لانفهمه.. ، ربما لاحقاً !
نحن نعيش في غابة اسمنتية يشكل فيها البحث عن الحقيقة جدلاً عارماً
قتل الصحافيين مُنكر.. ومنكر بيّن ولاينكره سوى ضئيل انسانية … ,إنما فقط مايؤلم في هذا العالم الذي أصبح مايشبه أفلام السرد الدرامي أنّه لايتعامل مع جميع المنكرات على أنها منكر.
الأعمال الإرهابية أينما حدثت ليست أعمال حربية , هي بأغلبها رسائل سياسية تُجبر من وقعتْ عليه على اتخاذ مواقف سياسية يستفيد منها من قام بالعمل الإرهابي , إذاً مَن المتضرر من نتائج 11 أيلول في نيويورك ؟ … مَن المتضرر من الإرهاب الذي ماج بباريس وأعقبه ارتدادات أوربية ؟
المتضرر الأكبر هو العدو الحقيقي للإرهاب بمايقتضي المنطق , ومنذ أيلول 2001 حتى الآن كان المسلمون هم الأكثر نصيباً من أضرار الإرهاب
أرجو أن لاتكون أحداث “شارلي إيبدو” في باريس نسخة مصغرة لأاحداث أيلول \ 2001\ قد تُهيء لها مكنات الإعلام العالمي لنشهد نكبة أخرى في بلد مسلم آخر.