أكد رئيس النظام السوري بشار الأسد على الكثير من رواياته للأحداث، من وقوفه وجه الإرهاب، وأنه رأس الحرب العالمية في ذلك، زاعما أن ثورة الشعب ضده هي “قضية مؤامرة من الخارج، وعملية ضرب للوطن، وتصب في مصلحة الإرهابيين، وليس لها علاقة بالإصلاح أو بأي شيء آخر”.
وفي الوقت ذاته، قبل الأسد خلال حديثه مع “فصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية”، الثلاثاء، الحوار مع المعارضة السورية المسلحة، التي وصفها بـ”الإرهابية”، إذا كان ذلك سيؤدي إلى وقف إراقة الدماء في سوريا.
واعتبر أن ما سيحصل في سوريا “سيؤثر في الخريطة السياسية العالمية”، وأنه إذا انتصرت سوريا (في إشارة إلى النظام والمليشيا المؤيدة) فستخرج أكثر قوة، وستنتشر أكثر فكرة الاستقلالية بين الدول، وهذا ما يخشاه الغرب”، زاعما أن ضرب الإرهاب في سورية سيحمي شعوب العالم من تأثيراته”.
واعتبر الأسد، الذي برأ نفسه من كل المشكلات في سوريا، وقدم نفسه منقذا للعالم، أن الولايات المتحدة الأمريكية تخوض الحروب بهدف ترسيخ مشروعها بالسيطرة والهيمنة على العالم، عبر ضرب كل الدول التي تعارضه، كما فعلت مع إيران منذ طرح موضوع الملف النووي عام 2003، ومع سوريا مع ما يحصل فيها”.
وقال إن الولايات المتحدة تفشل في كل مكان منذ الحرب العالمية الثانية، ولكنها تنجح في خلق المشكلات وتدمير الدول.
واتهم زعيم النظام كلا من السعودية وتركيا ببناء علاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، وزعم أنها موجودة منذ أكثر من خمسة عقود، وأن الحالة اليوم باتت عملية نقل العلاقة من السر إلى العلن، قائلا إن “السعودية وتركيا دولتان تابعتان لأمريكا، وهما تعطَيان الأوامر وتنفذانها”.
وقال الأسد -معلقا على الثورة السورية التي خرجت ضده- إن “البداية كانت المعركة الإعلامية والنفسية، وهي تصوير أن المشكلة الأولى في سوريا هي مشكلة رئيس، وبالتالي هو شخص.. والشخص يجب ألّا يكون أهم من الوطن.. وهذا صحيح.. وأن المشكلة الثانية هي الحكومة وتبديل النظام السياسي.. لم يتحدثوا عن الوطن.. الذي في الحقيقة هو معركتهم.. لقد كانت معركتهم الأساسية هي ضرب الوطن.. ضرب المجتمع السوري بعقيدته.. بهويته.. بتوجهاته التاريخية”.
إيران بجانبنا
ورغم مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين في العالم، اعتبر الأسد أنه استطاع الصمود في وجه المؤامرة، بالدعم الشعبي وصمود الجيش والتغييرات الاقتصادية ودعم طهران له.
وقال: “صمدنا خمس سنوات.. فالعامل الأول هو الوعي الشعبي.. وهذا الوعي الشعبي هو الذي غذى العناصر الأخرى.. كان العامل الأساسي في تحريك الاقتصاد الذي يعد جزءا من المعركة، كما ساهم في تحريك المثقفين باتجاه الرأي والفكرة الصحيحة”.
وأضاف: “دور إيران كان أساسيا في صمود سورية، والكل يعرف هذا الشيء.. ومشكلات إيران الآن لم تعد تتعلق بالملف النووي، وإنما بوقوفها إلى جانب سوريا وإلى جانب الحق”.
واعتبر أن علاقة النظام السوري بالغرب لم تكن جيدة، وأن الغرب طالب بشكل أساسي أن “نبتعد عن محور المقاومة، وأن نتوقف عن دعم الشعب الفلسطيني، وأن نسير في مبادرات السلام التي تهدف إلى التفريط بالحقوق.. بحقوق الشعب الفلسطيني”.
وقال إن “محور المقاومة هو مفهوم شامل، نحن نقاوم من أجل الحفاظ على سيادتنا، نحن نقاوم من أجل الحفاظ على سلامة شعبنا وبلداننا ومصالحنا، هذا المحور هو محور أهم ما فيه، من وجهة نظري، أنه محور مستقل، إذا انتصرت سوريا فستنتشر أكثر فكرة الاستقلالية بين الدول، وسيعرفون بأن المشيئة الغربية هي ليست مشيئة إلهية”.
وقال إنه “إذا هزمت سورية فستكون النتائج معاكسة، ستكون هناك هيمنة غربية كاملة، لن يكون هناك أي دولة قادرة على أن تقول أنا صاحبة حق، عندها سيكون الكل عبيدا”.
وفي الوقت الذي وصف فيه أن أمريكا الآن في حالة انحسار.. “على الأقل منذ الأزمة الاقتصادية في عام 2008″، اعتبر أن “هناك صعودا لكتل أخرى، وهناك بداية توازن.. لذلك إذا أرادت أمريكا أن تضرب هذا التوازن فلا بد أن تضرب الدول المستقلة كإيران.. سورية.. كوريا الديمقراطية.. وأي دولة تقول لا.. لاحظ ما يحصل في البرازيل أو في فنزويلا”.
“ليست حربا طائفية”
ونفى الأسد أن تكون الحرب الجارية حاليا طائفية، وقال: “متى ظهرت الحرب الطائفية في منطقتنا؟ ظهرت مع انتصار الثورة الإيرانية؛ لأنه كان المطلوب من المؤسسة الوهابية التي تديرها السعودية أن تواجه الثورة الإيرانية، التي كانت محط تطلعات الشعوب في المنطقة عندما نجحت، هم شعروا بالخوف من هذا التطلع الشعبي، فوجه الغرب، خصوصا الولايات المتحدة، السعودية إلى أن تتحرك بالإطار الطائفي، عندها فجأة أصبحت إيران شيعية”.
وأضاف: “لو أردنا أن نقول بأن هذا الشيء حقيقي لكانت الاضطرابات في سورية كافية لكي تخلق هذه الحرب الطائفية، الحقيقة أن ما حصل هو العكس، اليوم وضع التجانس بين الطوائف في سورية أفضل مما كان عليه قبل الأزمة، وليس فقط أفضل من بداية الأزمة، بل أفضل مما كان قبل الأزمة؛ لأن الأزمة خلقت وعيا أكبر، لو كانت هناك فعلا مشكلة طائفية لكانت انفجرت، وكنا سنرى بأن الخطوط التي تفصل بين المتحاربين، هذا إذا تحدثنا بهذه اللغة في سورية، هي خطوط طائفية، ولما رأينا دولة وإرهابيين، كنا سنرى طوائف وقوميات تتقاتل، وهذا الشيء لم يظهر كما هو واضح”.
الحل السياسي
وقال الأسد إنه في الحقيقة الحوار السياسي يحل مشكلة سياسية، والمشكلة ليست سياسية حتى هذه اللحظة.
وأضاف: “قمنا بعملية إصلاح بحسب مطالب المعارضة أو من سموا أنفسهم معارضة في البدايات، غيرنا الدستور والقوانين وكل شيء، ولم يتغير شيء، بالعكس كلما غيرنا ذهبوا أكثر باتجاه الإرهاب، من الواضح أن القضايا السياسية كانت مجرد عنوان؛ لأنهم كانوا يتوقعون بأننا سنرفض، وإذا رفضنا فسيقولون: “لأن الحكومة السورية رفضت الإصلاح فإن الاضطرابات بدأت”، ولكن هذا الشيء لم يحصل.
عربي 21