“الأرض كما تعطيها تعطيك” مقولة قديمة وفعلا كلما زاد اهتمام المزارع بأرضه زاد إنتاجها ووفر محصولها ولكن بعد حوالي السنة من اندلاع الثورة السورية وسيطرة النظام على مدينة إدلب شمال البلاد وانتشار الحواجز على أطرافها، لم يعد يستطيع المزارعون الذهاب إلى أراضيهم المجاورة للمدينة بشكل كاف للاعتناء بها.
والسبب الأول هو منع عناصر الجيش و”الشبيحة” المتواجدين على الحواجز المزارعين والأهالي من الذهاب إلى مزارعهم بحجة كونها مناطق اشتباكات أو مناطق إيواء للمسلحين كما يزعمون، وكان الأهالي يتعرضون للمضايقات والمساءلة الأمنية عن ذهابهم لمزارعهم.
“أبو صالح” مزارع قديم يملك أرض زراعية قريبة من منطقة (الكورنيش)يقول: “عندما كنت أذهب إلى أرضي كان عناصر الحاجز يوقفوني لفترة طويلة على الحاجز لسؤالي عن سبب ذهابي إلى أرضي، وعندما أعود من الأرض اجلب معي بعضا من المحصول كالعنب والرمان فكانوا يأخذون نصفها على الأقل دون أن أتجرأ على منعهم”.
وبعد ازدياد التشديد الأمني والمضايقات على الحواجز المحيطة بالمدينة، تم منع المزارعين من الذهاب إلى الأراضي الزراعية نهائياً على مدى سنتين ونصف تقريبا، عمت خلالها السرقات للشقق السكنية في الأراضي الزراعية وتم اقتلاع أشجار الزيتون من قبل اللصوص تارة وعناصر الجيش تارة أخرى بحجة اختباء المسلحين خلفها أثناء الهجوم على الحواجز، وكانوا يقومون بالتدفئة عليها أو بيعها للأهالي
إلى أن تم تحرير مدينة إدلب وريفها منذ حوالي ثمانية أشهر فكانت فرحة الأهالي لا توصف لأنهم سيستطيعون الذهاب إلى أراضيهم بعد فترة الانقطاع الطويلة، ليصدموا عند ذهابهم إليها بأنه قد تم سرقة جميع المنازل منها من قبل عناصر النظام ناهيك عن قطع بعض أشجارها.
“أبو محمد” يملك قطعة ارض يحبها أكثر من أي شيء وقد قام بإعمار شقة سكنية فيها وجهزها بأحسن تجهيز يقول: ” بعد تحرير مدينة إدلب ذهبت إلى ارضي الحبيبة لأجد أنه قد تم حرق الشقة بالكامل بسبب جلوس المسلحين المحسوبين على الثورة فيها، وسرقة جميع ما تبقى منها كالأبواب والشبابيك وحتى خلاطات المياه، إضافة إلى قطع بعض الأشجار منها”.
وعلى الرغم من كل ما عاناه المزارعون من حرق وسرقة قطع لأراضيهم، إلا أنهم منذ تحرير مدينة ادلب إلى الآن لم يتركوا شبرا من أراضيهم دون إصلاحه والاعتناء به، آملين أن تعود عليهم الأرض بمحصول وفير هذا العام بعد كل هذا الهجران.
المركز الصحفي السوري ـ إيناس ابرص