( انتباه انتباه, والرجاء من كل الأخوة والأخوات في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي أخذ الحيطة والحذر.. الآن الآن إقلاع طائرة “ميغ23” من مدرج مطار حماة العسكري باتجاه الشمال) هكذا يصرخ أحد الأشخاص من أحد المراصد القريبة من مطار حماة العسكري محذِرا مدن وبلدات المناطق المحررة في الريفين المذكورين من غدر الطائرة بعد التأكد من وجهة عملها.
وبشكل عاجل وفوري تبدأ المراصد والنقاط الأخرى المتواجدة في المناطق الشمالية بتعميم التحذير عن طريق بث الأمواج الصوتية لأجهزة الاستقبال اللَاسلكية التي يحوزها الناس “القبضة “, وفي الحال ينتشر الخبر, ويستقبله المواطنون بدرجات متفاوتة من الأهمية حيث تختلف درجات ردّات فعلهم, فمنهم من يبادر بالاختباء والنزول إلى الملاجئ ولا سيما النساء والأطفال ومنهم من يغادر الشارع أو السوق أو الساحة ويتوجه إلى الطابق الأرضي لأقرب بناء طابقي ومنهم من لا يعير للموضوع أي اهتمام ويستمر بمواصلة عمله والقسم المتبقي من الناس لا يسمع الخبر أصلا.
هذه صورة واحدة من عشرات الصور للأحداث المرعبة من مسلسل القصف والقتل والتدمير اليومي الذي يقوم به سلاح الجو التابع للنظام منذ أربع سنوات تقريبا وحتى يومنا الحالي.
” أبو محمد” هو صاحب متجر للمواد الغذائية يقع في السوق المركزية وسط مدينة معرة النعمان قال لنا: (انظروا إلى حجم الدمار الهائل في مدينتي, الخراب منتشر في كل الجهات وفي معظم الأبنية والأسواق والشوارع, صحيح أن مدينة المعرة تعرضت للهجوم من قبل النظام الذي قصفها بكل أنواع الأسلحة الثقيلة, إلا أن التأثير الأكبر كان لسلاح الجو, صحيح أن عودة الحياة إليها كانت بصورة جزئية وحذرة, ولكن يجب أن تستمر الحياة رغم كل الظروف والتحديات, أكذب عليك إن قلت لك أنني لا أخاف من الطائرة باعتبار أن الأسواق جميعها هدف مشروع لذلك الطيار المجرم, ولكن في نهاية المطاف ” ما حدا بموت وناقص عمر.. عمي” , وأتمنى أن أستيقظ يوما ليخبرني أحدهم أن اختراع الطائرة اختفى من الوجود”!!!
أما الشاب “سليم “وهو أحد أبناء قرى جبل الزاوية فقال:
أذكر جيدا بداية استخدام النظام للطائرات الحربية في قصف المدن والقرى حيث وسّع من استخدامها في نهاية العام 2012 م تقريبا, ولكنها في البداية كانت تقتصر على المروحيات بشكل أساسي إلى جانب طائرات الميغ 21 والميغ 23 التي تعتبر “خردة عسكرية قديمة “وأسلحة غبية ذات قصف عشوائي, صحيح أنها ارتكبت العديد من المجازر لكنها كانت أخفّ وطأة علينا من ناحية الشعور بالخوف مقارنة بأيامنا هذه, لأن المدة الزمنية لطيرانها لم تكن بالطويلة هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى كانت لا تقلع من مطاراتها لشن الغارات على قرانا إلا أثناء النهار, أما اليوم فالوضع مختلف فقد أحضرت “روسيا “أسطولها الجوي الضخم واحتلَت الأجواء إضافة لطائرات “السوخوي22 ” “والسوخوي24” التابعة للنظام والمروحيات ذات البراميل وفق تخطيط وتنسيق دقيق بينهما, أكاد لا أبالغ إن قلت لك أن الطيران لا يغادر السماء على مدار اليوم كاملا, وصحيح أننا نحذر من الطائرة ولكننا في النهاية تعودنا, وأستطيع أن أجزم لك بالقول إن كل السوريين الذين يعيشون في المناطق المحررة أصبح لديهم أمنية واحدة, هي أن يستيقظوا يوما, ليجدوا أن كلمة الطائرة قد تم حذفها من التاريخ ومن قواميس ومعاجم اللغة العربية!).
يذكر أن القوات الجوية للنظام السوري، ضمّت قبيل اندلاع الثورة آذار/مارس 2011، بحسب تقرير أعده ضباط منشقون، حوالي 500 طائرة جناح ثابت، وحوالي 150 طائرة مروحية، معظمها سوفييتي الصنع، مزودة برادارات غير متطورة وغير مزودة بأجهزة حماية وتشويش. الطائرات ثابتة الجناح مسلحة بصواريخ جو – جو قصيرة المدى.
ويعتقد الطيارون المنشقون أن 40 بالمئة من طائرات الجناح الثابت، كانت جاهزة للاستخدام، فضلاً عن اختلاف درجة الفاعلية لتلك الطائرات. فالمقاتلات غير مؤهلة لخوض معارك جوية، بحكم تقادم صنعها وقلة صيانتها ونقص حاد في قطع غيارها وتسليحها الضعيف، بالإضافة إلى مستوى تدريب منخفض للطيارين، بحيث لم تتعدَ مدد الطيران التدريبي الـ50 ساعة سنوياً.
المركز الصحفي السوري – فادي أبو الجود