احتقان درزي بعد الاشتباكات مع المعارضة.. وحزب الله يعرض تنظيمهم وتدريبهم
الشرق الأوسط
تشهد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية في سوريا حالة من التوتر الشديد في أعقاب اشتباكات مسلحة بين أبناء المدينة، ومعارضين سوريين، يأخذون على أهالي المنطقة وقوفهم إلى جانب النظام الذي يسعى لاجتذاب أبناء المنطقة للقتال في صفوف جيشه.
وأكد مصدر درزي لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة محاولات حثيثة لتنظيم تشكيلات درزية مقاتلة تقف إلى جانب النظام من خارج الجيش والقوى الأمنية، موضحا أن خسائر أهل المنطقة بلغت 700 قتيل منذ اندلاع المواجهات، وهو الرقم الثاني طائفيا بعد خسائر العلويين في المواجهات المسلحة الدائرة بين النظام والمعارضة.
وكشف المصدر أن أهالي المنطقة تلقوا رسائل من «حزب الله» اللبناني تبدي الاستعداد لـ«المساعدة» في تدريب وتنظيم الدروز لمواجهة قوى المعارضة، منبها إلى خطورة هذا الموضوع على دروز سوريا الذين دعاهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، أمس مجددا إلى «عدم الوقوع في الفخ الذي ينصبه النظام ويسيرون في نظريّة الأقليّات التي روجها ويروجها النظام»، داعيا «العرب الدروز إلى الاختيار بين الانتماء المذهبي الضيق والمقيت الذي يستخدمه النظام السوري ويترجمه من خلال عناصر ما يُسمّى الدفاع الوطني في مواجهة أهلهم في حوران وباقي المناطق التي ترمي لإذكاء نار الفتنة، وبين الانتماء العربي والقومي العريض».
وخيم هدوء حذر على المنطقة الغربية في محافظة السويداء بعد الاشتباكات العنيفة التي حصلت السبت بين سكان قرى اللجاة من الدروز ومجموعات من البدو مدعومة بألوية المقداد في «جبهة النصرة» وأحرار اللجاة التابع لألوية العمري.
وأفاد ناشطون من داخل السويداء ببقاء تسعة مخطوفين من آل القنطار يعتقد أنهم ما زالوا في قبضة جبهة النصرة التي انسحبت من دير داما بعد دخوله ليل السبت ورفع أعلام النصرة على أسطح البيوت، عقب اشتباكات عنيفة أدت لمقتل 13 شابا من السويداء وجرح ما يزيد عن العشرين.
وكان نشطاء من السويداء ودرعا أطلقوا بيانات مشتركة مطالبين بوقف القتال الذي وجدوا فيه أنه لا يخدم سوى النظام. ومن ضمنها بيان صادر من الناشطين والإعلاميين في درعا والسويداء طالبوا بعدم الاستمرار بنشر الأخبار دون تدقيق. وناشدت الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني في السويداء عبر بيان لها «المتنورين من أصحاب الضمائر الوطنية الشريفة من جميع الأطراف، أن يحتكموا إلى صوت العقل وعدم الانجرار إلى الفتنة».
وكان «لواء العمري» هاجم معظم البيانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي اتهمته صراحة باستهداف المدنيين من أبناء السويداء على حساب البدو، ووصفها بأنها «مغرضة وتسعى لإثارة الفتن»، موضحا أن الأسباب التي قادت للتدخل في القتال سببها «إقدام اللجان الشعبية والشبيحة على اقتحام بيوت مجموعات من البدو وإحراقها في قرية عريقة»، الأمر الذي نفاه معارضون من «عريقة» موضحين أن أهالي البلدة منعوا قبل يوم من الاشتباكات مجموعة من اللجان الشعبية المساس ببدو القرية الساكنين فيها منذ عشرات السنين.
وأشاد أحد مقدمي فعاليات المنطقة الدكتور فايز القنطار بـ«الجوانب الإيجابية» في بيان «لواء العمري» و«حرصه على حقن الدماء بين جميع مكونات الشعب السوري». وتفهم القنطار في اتصال مع «الشرق الأوسط» أسباب «العمري»، داعيا إلى النظر إليها على محمل الجد. وشدد على وجوب وضع حد لما سماه بـ«ظاهرة التشبيح». بالموازاة مع ذلك ذكر القنطار أنه «يجب على الجيش الحر تجنب أذية المدنيين الأبرياء وعدم اللجوء إلى الثأر. فليس من المعقول أن تتعرض داما وديرها وغيرها من القرى لقصف الجيش الحر بحجة وجود شبيحة فهذا السلوك يتطابق مع سلوك النظام الذي يدمر المدن والأحياء بالصواريخ والبراميل بحجة وجود عصابات مسلحة».
وذكر القنطار أن «قادة الجيش الحر في منطقة اللجاة تحلوا بحنكة سياسية في تعاملهم مع الوضع في البدايات ولكن تصاعد نفوذ جبهة النصرة وارتفاع حدة الخطاب الطائفي أدى إلى تدهور الأوضاع. ما يعكس حالة التفكك والتشتت وبعثرة الجهود نتيجة عدم وجود قيادة سياسية وعسكرية موحدة». ورأى القنطار أن «بيان لواء العمري جاء ليحمل لهجة تصعيدية غير مفيدة حتى أن خاتمة البيان جاءت لتذكر بخطاب بشار الأسد الأول حينما قال: إذا كانوا يريدون الحرب فنحن مستعدون لها».
وكانت علاقة الجوار بين بدو محافظة السويداء والدروز شهدت عددا من المنعطفات التي تهدد حالة التعايش القديم فيما بينهم. ورغم أن السنوات الأولى من الأزمة لم تشهد حوادث خطيرة فإن الأحداث أخذت بالتصعيد ووقوع سلسلة من حوادث اعتداء متبادل على خلفيات حوادث الخطف وما نجم عنها من ردود فعل من كلا الطرفين. وكانت مجموعة من البدو أقدمت منذ عدة أشهر على استهداف تجمع عزاء في قرية داما بقذيفة هاون أدت لمقتل وجرح بعض مشيعي شاب من آل القنطار قيل بأنه من أعضاء اللجان الشعبية سبق استهدافه برصاص قناص. وكانت قد جرى في قرية مجادل قبل نحو أسبوعين أن قتل بعض أفراد اللجان الشعبية شخصين من بدو المنطقة كرد فعل على مقتل شاب من آل عماشة. وسبق الاشتباكات الأخيرة بيوم أن قامت مجموعة يعتقد أنها من البدو باستهداف سيارة على طريق داما ما أدى لجرح أربعة أشخاص وجرح امرأة.
وتوصف حالة التعايش بين البدو والدروز في محافظة السويداء بأنها محكومة بالتوجس منذ زمن طويل نتيجة وجود حالات ثأر تاريخية. وكان لأحداث عام 2000 الدور الأكبر في زيادة الشرخ الحاصل بين الدروز والبدو. حين أقدم بعض الرعيان في حينها بالتعدي على الأراضي الزراعية. وولدت شرارة اشتباكات دامت لأيام كان شرارتها مقتل شاب من آل الأعوج على أيدي البدو. وفي حينها وقف النظام إلى جانب البدو وقتل 23 شابا في مظاهرة جرت في مدينة السويداء وجرح العشرات بعد استهدافهم بالرصاص الحي واعتقال أكثر من 400 شاب احتجزوا لأكثر من شهر في صالة الملعب البلدي.