نشرت مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير تقريرا عن التطورات السياسية في العراق قالت فيه إن النخبة الحاكمة التي تدعمها إيران تتمسك بالسلطة مع أن المتظاهرين لم يتنازلوا بعد عن مطالبهم.
وقالت إن قبر رجل الدين الشيعة المعروف بدا هدفا غريبا للمتظاهرين الغاضبين في العراق الذين خرجوا للشوارع ضد الفساد والحكم العقيم وغياب فرص العمل.
وقالت إن محمد باقر الحكيم عارض نظام صدام حسين وكان من الذين ساهموا في إقامة النظام السياسي ولكنه كان من حلفاء إيران المقربين. وهي نفس الدولة التي تقوم بمساعدة الحكومة العراقية لكي تخضع المتظاهرين. وهو ما أثار غضب العراقيين الذين ألقوا قنابل حارقة على قبر الحكيم والميليشيات التي تدعمها إيران الحارسة للقبر في مدينة النجف، بداية الشهر الحالي. وأضافت أن مئات الألاف من الأشخاص الذين خرجوا إلى الشوارع في بغداد والجنوب. ووعد المسؤولون بالإصلاحات، وردت قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين وقتلت أكثر من 400 شخصا. ولم تؤد التنازلات ولا القمع. ووصلت الأمور إلى ذروتها في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) عندما دعا آية الله السيستاني لتغيير الحكومة، فرد عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء بالإستقالة. إلا أن المحتجين والنخبة الحاكمة تعرف أن رحيل عبد المهدي ليس نهاية اللعبة بل هي بداية لعبة جديدة، ومعركة عنيفة حول الحكومة المقبلة. وقد تقود إلى دور إيراني أكبر. واستمر عادل عبد المهدي في عمله لكن أمراء الحرب الشيعة هم من سيقررون خليفته بعد مشاورات مع إيران. وعدد منهم يريدون رئيس وزراء لا يرحم. ويزعم هادي العامري وقيس الخزعلي أنهما يقودان كتلة في البرلمان ويديران ميليشيات قوية. ويعملان مع قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وكلهم يريدون نشر التاثير الشيعي في كل المنطقة ويتعاملون مع التظاهرات كتهديد. ويفضل بعض حلفائهم استخدام القوة لتنظيف الشوارع من المحتجين. وبالنسبة للساسة السنة والاكراد الذين لهم نصيبهم في نهب الدولة يمقتون الحديث نيابة عن المتظاهرين وخلخلة الوضع القائم. وبحسب الدستور العراقي فعلى الرئيس برهم صالح، كردي سني تولي مهام رئيس الوزراء بعد استقالته. ولكنه لم يقل شيئا منذ دعوته لمحاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين ويواجه نفسه تهديدات. وتقول المجلة إن مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي هو محرض ويقود أكبر كتلة في البرلمان ولكنه سكت على ما يبدو. وقضى فترات طويلة في إيران، على شكل إقامة إجبارية في البيت. وتبعت بقية مؤسسات الدولة نفس الخط، حيث قام القضاة بإصدار أحكام على المعتقلين بناء على قانون مكافحة الإرهاب. وقامت شركة الإتصالات بإغلاق الإنترنت لكي تصعب على المتظاهرين تنظيم أنفسهم. وعلى الرغم من محاولة قوات الامن الحد من العنف إلا أن هذا جاء لتجنب ردة الفعل الغربية والتي لم تحدث. ومن المستبعد صدور قرار يشجب العراق على معاملة المتظاهرين في مجلس الأمن الدولي. ودعت الحكومة الأمريكية العراق الإستماع للمتظاهرين والقيام بعمليات إصلاح، ولكنها كانت حريصة بألا تتدخل. ودعا المتظاهرون لحكومة جديدة ونظام انتخابي جديد وانتخابات مبكرة. ويريدون محاكمة الفاسدين ومن تورط منهم بمقتل المتظاهرين.
ومعظم الناس يقفون وراءهم ولكنهم بحاجة لدعم رموز قوية مثل السيستاني البالغ من العمر 89 عاما، لكن المتظاهرين يقولون “الشعب هو من يقرر لا الآيات”، في شجب لإيران التي يحكمها الملالي. ويخشى عدد من رجال الدين إغضاب إيران أو فقدان المصداقية لو لم تستمع لهم الحكومة. ورغم أعداد القتلى إلا أن المعنويات عالية، فهناك أجواء احتفالية في المدن العراقية، وربما لم يقتنع المتظاهرون بدعوة السيستاني الهادئة خاصة أن القطاع الأكبر منهم شباب يفضلون رمي القنابل الحارقة. وفي الفترة الأخيرة دعا مشائخ القبائل للإنتقام من قوات الأمن، وهو ما يشي عن إمكانية خروج الأمور عن السيطرة.
المصدر القدس