أكثر من شهر ونصف على بدء الاحتجاجات في إيران، منذ وفاة الفتاة الكردية “مهسا أميني”.
وتحولت الاضطرابات إلى ثورة شعبية من قبل الإيرانيين من جميع طبقات المجتمع، مما شكل أحد أكثر التحديات جرأة للقيادة الدينية منذ ثورة 1979، وكعادة الأنظمة المستبدة، ألقت إيران باللوم على أعدائها الأجانب المفترضين وعملائهم في الاضطرابات.
_الاحتجاجات
بدأت الاحتجاجات في مدينة “سقز” مسقط رأس “أميني” وامتدَّت مع توالي الأيام لعشرات المدن، بما في ذلك العاصِمة طهران وغيرها من المُدن الكبيرة، ولاقت الاحتجاجات صدى واسعا خاصة بين فئة الشباب لتمتد لأكثر من ثلاثين جامعة في إيران.
فشهدت كلية الهندسة في جامعة طهران، تجمعا للطلاب، أعلنوا فيه تضامنهم مع ضحايا الاضطرابات التي شهدتها مدينة زاهدان، وكما شهدت مؤخرا تجمعات احتجاجية مماثلة في جامعات “خاجه نصير” للتكنولوجيا، و”أمير كبير” للتكنولوجيا والعلوم والتحقيقات، و”جامعة العلوم والثقافة”، و”جامعة هندسة العمارة والفن”، وجامعة “العلامة طباطبائي”، وجامعة “العلوم والصناعة في طهران”.
بالاضافة لأكثر من عشرين جامعة أخرى شهدت احتجاجات مماثلة ورفعت فيها شعارات، الحرية والموت للديكتاتور، وكما خرجت مظاهرات ليلة أمس، اتهم فيها المتظاهرون الحكومة الإيرانية بالضلوع في تفجيرات وهجوم شيراز، بعدما أعلنت الحكومة أن “داعش” من تبنت التفجيرات.
وذكر وكالات أنباء عالمية أنه تم القبض على توماج صالحي ، مغني الراب وأحد أنصار انتفاضة الإيرانيين ضد الجمهورية الإسلامية ، بعد أن غنى أغنية “اشتروا حفرة فأر”.
وأظهرت مقاطع الفيديو بثتها محطة إيران الدولية، يوم أمس، المتظاهرين ينددون في بلدة “أراك بفاليصر” وقوات الأمن تطلق النار عليهم ويستخدمون قنابل صوتية للترويع.
_ دعوات حوار وقمع مقابل
حظيت قضيّة الاحتجاجات بصدى وردود فعل عالميّة، بدءاً من أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والعديد من الدول الكبرى ذات التأثير العالمي.
هذه المواقف الدولية أدت إلى انقسام رأي داخل الدولة الإيرانية بين داعين للحوار والإصلاح السياسي وتيار متشدد بقبضته الأمنية.
فبعد هجوم شيراز حذر قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي المحتجين، داعيا إياهم لتجنب الخروج إلى الشوارع، بعدما اندلعت احتجاجات جديدة في كليات وجامعات أخرى.
وقال “علي ألفونه” المحلل الإيراني في معهد دول الخليج العربي في واشنطن في تصريح لتلفزيون إيران انترناشيونال المعارض يوم أمس، في الوقت الحالي نحن في وضع لا يستطيع فيه المتظاهرون الإطاحة بالحكومة – يفتقرون إلى القيادة والتمويل والتنظيم – لكن الحكومة غير قادرة على إقناع المتظاهرين بالعودة إلى ديارهم، إنهم في مأزق.
وإن مشكلة الجمود بالنسبة للحكومة بمرور الوقت يعطي فرصة أكبر لظهور قيادة وتنظيم فالثورة تلد قيادتها.
وقال “قمبيز غفوري” ، صحفي إيراني، تستخدم الجمهورية الإسلامية أسلحة مكافحة الشغب المخصصة لمحاربة مهربي المخدرات لقمع الناس العزل، وهذه الأسلحة خطيرة وغير مصرح بها عالميا.
_الجديد في ملف الطاقة النووية
كتبت “لورا روزين” مراسلة موقع “لمونيتور” في “واشنطن” ، قال “روب مالي” المبعوث الأمريكي لإيران نحن نتخذ إجراءات، نحن لا ننتظر، نحن نتخذ الإجراء الذي نعتقد أنه ثابت وضروري لتعزيز قيمنا ومصالح أمننا القومي، نحن نعتقد أن منع إيران من حيازة سلاح نووي أمر أساسي ، وسنواصل رؤية ما يمكننا القيام به لتحقيق هذا الهدف، لكن في غضون ذلك، لن نقف مكتوفي الأيدي عن اتخاذ الخطوات الأخرى التي نعتقد أنها ضرورية لتعزيز مصالحنا أو قيمنا.
وفيما يتعلق بالمحادثات النووية ، قال مالي إنه لم يكن هناك أي تحرك جديد، لكنه لم يستبعد استئناف الدبلوماسية في وقت لاحق، وذكر إنه سواء استؤنفت هذه الدبلوماسية النووية أم لا ، فإن حقيقة أن الولايات المتحدة لم تتراجع عن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
و لا تمنع الولايات المتحدة من التحدث عن حقوق المحتجين الإيرانيين ، وفرض عقوبات على العنف الإيراني وشحنات الطائرات بدون طيار إلى روسيا. .
وأردف أن الحكومة الإيرانية كانت تنتظر على الأرجح نتيجة الانتخابات النصفية الأمريكية، لاستئناف المحادثات النووية.
وختم مالي “نحن ملتزمون بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي و نفكر في صفقة نووية محتملة في المستقبل”.
_ضغوط دولية جديدة
وفي تقرير لرويترز بأن المندوب الأمريكي في محلي الأمن قال، إن الإدارة الأمريكية ستسعى لإبقاء الأضواء الدولية على انتهاكات النظام وحقوق الإنسان للمحتجين، ومحاولة تعديل العقوبات الأمريكية لمساعدة الشعب.
وذكر أن الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات ليس فقط على قادة كبار في النظام، إنما شملت آخرين من المستوى المتوسط.
وكان قد اعتذر مالي عن تغريدة بتاريخ 22 تشرين الأول وصف فيها مطالب المحتجين بأنها مطالبة الحكومة الإيرانية باحترام كرامتهم وحقوقهم الإنسانية، وذكر في تغريدته الجديدة ” اعترض بعض النشطاء الإيرانيين على التغريدة، قائلين إن ما يطالب به المحتجون الإيرانيون هو تغيير النظام.
وذكرت إنديبيندت أن البرلمان الكندي طالب، بتوافق آراء جميع الأحزاب السياسية، بإخراج الجمهورية الإسلامية من لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، وتمت الموافقة على الخطة التي قدمتها “ميليسا لانتزمان”، نائبة زعيم حزب المحافظين ، في البرلمان الكندي.
وكما طالب رئيس وزراء نيوزيلندا بطرد الجمهورية الإسلامية من لجنة الأمم المتحدة للمرأة خلال مقابلة في تلفزيون إيران الدولية.
وكما أعلن المبعوث الأمريكي الخاص لإيران أنه سيتم فرض المزيد من العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية.
كما فرضت وزارة الخارجية الكندية عقوبات على أربعة أفراد ومؤسستين للجمهورية الإسلامية في مجموعتها الرابعة من عقوبات حقوق الإنسان ضد طهران.
ومن المقرر عقد اجتماع في الأمم المتحدة، بدعوة من أمريكا وكندا، يوم غد الأربعاء، يهدف إلى تسليط الضوء على القمع المستمر للنساء والفتيات وأعضاء الأقليات الدينية والعرقية في إيران، وتحديد سبل تعزيز التحقيقات الموثوقة والمستقلة في انتهاكات الحقوق في إيران.
عادل الأحمد/ تقرير خبري