اقتصاد – المركز الصحفي السوري- عاصم الإدلبي
في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن السوري في المناطق المحررة، لجأ غالبية تجار هذه المناطق إلى إيجاد مصدر رديف للمواد الاستهلاكية و التموينية بدلاً عن المواد التي كانت تأتي من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، وما ينتج عنها من مخاطر أمنية كبيرة تتهدد التجار لدى ذهابهم إلى تلك المناطق.
وشكلت ظروف الحرب وانخفاض الإنتاج إلى ربع ما كان ينتجه من سلع وخدمات قبل أربع سنوات، وخروج السيطرة على السلة الغذائية من يد النظام في المحافظات الشمالية والشرقية ذات المساحات الزراعية الشاسعة وفي درعا، أبرز الإشارات على الانهيار الوشيك إلى جانب خروج آبار النفط عن سيطرة النظام، والذي أدى إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة في سوريا، كما قال رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا الخبير السوري أسامة قاضي.
أصبحت مدينة” سرمدا” على الحدود السورية التركية مصدراً هاماً للمواد الاستهلاكية التي غزت مناطق الشمال السوري كـ إدلب وريفها و ريف حلب، وهذه المواد يتم تأمينها من تركيا أو مصانع حلب وحتى من مدينة اللاذقية غرب سوريا.
وأشاَر تقرير للمركز السوري لبحوث السياسات، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالة “الأونروا”، الى أن معدّل البطالة وصل في نهاية العام الماضي الى نسبة 57.7%، إذ فقد نحو 2.96 مليوني شخص عملهم خلال الحرب، ما أدّى الى فقدان المصدر الرئيسي لدخل 12.22 مليون شخص.
كما أكّد أنّه “في نهاية العام 2014 تآكلت الركائز الأساسيّة للاقتصاد بما في ذلك خسارة جوانب حيويّة من الأمن الاقتصادي، وتشمل تراجع السيادة على الموارد والأراضي ومستويات غير مسبوقة من العجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري والدين العام والعجز في الموازنة”.
سألنا “محمد” أحد تجار المواد الغذائية والاستهلاكية في ريف إدلب الجنوبي عن وضع السوق المحلي هذه الأيام وعن إقبال الناس على الشراء فقال: ” وضع السوق المحلي يعتمد على سعر صرف “الدولار الأمريكي” والذي يتحكم بشكل كبير بسعر المواد الاستهلاكية القادمة من تركيا و”بعض” المواد القادمة من مناطق النظام، كما أن إقبال الناس على الشراء يصبح ضعيفاً عند ارتفاع سعر صرف الدولار ويتحسن عند انخفاض سعر صرفه أمام الليرة السورية، لكن المواد الاستهلاكية بشكل عام متوفرة لكن بأسعار باهظة أثقلت كاهل المواطن السوري” وأضاف قائلاً: ” المواطن السوري الذي كان يشتري تنكة زيت 16 ليتر أصبح يكتفي فقط بتنكة 4 ليتر وذلك بسبب الارتفاع الكبير لسعر هذه المادة، والأمر نفسه ينطبق على مادة السكر والسمن النباتي والشاي والأرز والتي تعتبر من المواد الأساسية التي لا غنى للمواطن عنها”
كما قمنا بسؤاله عن المواد المفقودة في السوق ولا يستطيعون تأمينها للناس فقال: “هناك نقص كبير في مادة حليب الأطفال التي يتم تزويد الصيدليات بها عن طريقنا، وهي غير متوفرة حالياً في السوق، وإن توفرت فهي باهظة الثمن”.
بحسب التجار المحليين في المناطق المحررة (ريف إدلب وريف حماة وريف حلب )صرحوا بأنهم منذ منتصف عام 2012 أصبحوا يعتمدون اعتماداً رئيسياً على المنتجات التركية الموجودة في السوق والتي يتم التزود بها من مدينة “سرمدا” بشكل رئيس ومن مدينة سراقب، كما كانوا يعتمدون قبل عام 2012 على المنتجات الموجودة في سوق مناطق النظام كــ طيبة الإمام ومورك وصوران والسقيلبية وقلعة المضيق بريف حماة، أما المناطق الشمالية في إدلب وريف حلب فكانت تعتمد بشكل رئيس على أسواق مدينة حلب ، والتي كانوا يواجهون الأخطار الأمنية كالاعتقال وأخطار الاشتباكات في المناطق الساخنة من ريفي حماة وإدلب.
المواطنون السوريون في المناطق المحررة يفضلون المواد القادمة من مناطق النظام، لأنها تورّد بـ”الليرة السورية” وتوزع بـ”الليرة السورية”، وهو ما يجعل أسعارها غير متغيرة بشكل كبير ومناسبة إلى حدٍّ ما للمواطن السوري، وفي الفترة الأخيرة أصبحت المواد الاستهلاكية القادمة من تلك المناطق تورد وتباع بحسب سعر صرف الدولار مقابل الليرة أيضاً، ما جعل الأزمة تتفاقم أكثر.
يمكن وصف الوضع الاقتصادي في المناطق المحررة بأنه يتحسن، لكن ببطء وهذا عائد لاستقرار الأوضاع الأمنية وعدم تعرض هذه المناطق لقصف الطيران والبراميل المتفجرة، وهو ما يعيق تطور الوضع الاقتصادي بشكل أكبر، والاتجاه إلى موضوع إعادة الإعمار في هذه المناطق التي دمرتها الحرب المستعرة منذ أربع سنوات.
خاص المركز الصحفي السوري