بدت تغطية وسائل إعلام النظام السوري لليوم الأول من اجتماعات جنيف كعزف منفرد لرواية دمشق وموسكو طبعاً، مع حجز صحف النظام المساحة الأكبر لتصريحات المسؤولين الروس حتى على حساب الادعاءات المنسوبة إلى رئيس وفد النظام السوري، بشار الجعفري، بعد لقائه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
وبدت التقارير المنشورة في وكالة “سانا” وصحف النظام، نسخة واحدة، كررت معزوفة أن “سبب تأخر انطلاق المحادثات، تتحمله المعارضة”، متجاهلة ذكر السبب الرئيسي الذي دفع “الهيئة العليا للمفاوضات” للمماطلة في إعلان موقفها النهائي، إذ تمسكت بضرورة وقف قصف النظام والروس للمناطق المدنية وفك الحصار عنها، كما ينص قرار مجلس الأمن 2254.
وإذ كان الجعفري حسب تغطية “سانا”، رفض “أي تدخل خارجي” في “حل الأزمة السورية”، فإن صحيفة “الثورة” الرسمية، نشرت تقريراً مطولاً عن انطلاق “جنيف 3″، عنونته بـ”محادثات جنيف بدأت ولم تنطلق”، ويحوي نحو 1700 كلمة، أقل من أربعمائة منها مخصصة للقاء الجعفري – دي ميستورا، ونحو ألف وثلاثمائة منها، خاصة بتصريحات المسؤولين الروس حول محادثات جنيف، والذين يذكرون فيها وجهات نظرهم الداعمة لدمشق.وخلت تغطية وكالة “سانا” الرسمية، من الإشارة إلى قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حتى، والذي تمسكت المعارضة بضرورة تنفيذ كامل بنوده قبل موافقتها على المشاركة، وخاصة ما يتعلق بالوضع الإنساني عبر إنهاء الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى والوقف الفوري للقصف العشوائي للمدنيين.
ونشرت “الثورة” تغطية مطولة لحديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي نقل هاتفياً لنظيره الأميركي جون كيري، بأن “طرح المعارضة شروطاً مسبقة مرفوض”، كما سردت تصريحاتٍ لعدة مسؤولين روس تدور في فلك روايات النظام نفسها، منهم المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، و مساعد رئيس “لجنة مكافحة الإرهاب الوطنية الروسية” أندريه برجيدومسكي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية فى مجلس الدوما الروسي أليكسي بوشكوف.
أما صحيفة “الوطن” التابعة للنظام لكنها غير رسمية، وتعرف عن نفسها بالـ”خاصة”، فقد انفردت بذكر بعض الترتيبات التقنية لسفر وفد النظام، إذ قالت إنه وصل المدينة السويسرية “على متن رحلة تجارية للخطوط الجوية المصرية آتية من القاهرة حطت في مطار جنيف في تمام الواحدة ظهراً” أمس الجمعة.ولم تخرج تغطية صحيفة “البعث”، الناطقة باسم الحزب الحاكم في سورية منذ سنة 1963، وكذلك تغطية “التلفزيون العربي السوري” عن السياق، إذ بدت كل هذه الوسائل، متحدة في صياغة تقاريرها الإخبارية، وحذرت من التوسع والخروج عن نص كلام رئيس وفد دمشق للمفاوضات، وسفيرها لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
وافتتحت “الوطن” تقريرها المعنون بـ”جنيف3 ينطلق خجلاً.. وضغط واشنطن يتفوق على ضغط أنقرة والدوحة ويدفع معارضة الرياض للمشاركة”، بالزعم أن النظام ملتزم بالمواعيد، فوصل وفده “كما كان مبرمجاً وبترتيبات من الأمم المتحدة” إلى جنيف يوم الجمعة. كما ذكرت الصحيفة أن وفد النظام التقى بعد وصوله جنيف “قبيل لقائه دي ميستورا مع السفير الروسي في سويسرا أليكسي بارادافكين، الذي أشاد في حديث لقناة “المنار” اللبنانية التابعة لحزب الله، قائلاً: إن “وفد الحكومة السورية التزم بالمواعيد المقررة في قرار مجلس الأمن وبيان فيينا، وأثبت بوصوله أمس إلى جنيف عن استعدادٍ بناءٍ وجديةٍ لبدء المباحثات”.
عموماً، فإن وسائل إعلام دمشق الرسمية أو التي تدور في فلكها، شنت حملة مضادة لرواية المعارضة، التي دأبت في الأيام القليلة الماضية على تثبيت أن رفض النظام لوقف قصف التجمعات المدنية، واستمراره بتجويع المناطق المحاصرة، هو دليل على أنه غير جاد في الانخراط بالمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، وبالتالي فهو (النظام) وحده يحمل مسؤولية فشل العملية السياسية.وحاولت “الوطن” عبر تقريرها المطول، الادّعاء بأن المعارضة السورية، وبضغطٍ من حلفائها الإقليميين، كانت تميل إلى مقاطعة المحادثات، لكن هذه المساعي أثبتت “عدم جدواها أمام ضغوط أميركية على الهيئة لإرسال وفدها، الأمر الذي تحقق في ساعة متأخرة من مساء أمس”.
العربي الجديد