على الرغم من تطور العلاقات الاقتصادية والسياسية بين تركيا وروسيا، خلال السنوات الماضية، والتي وصلت إلى حد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين بــ”الصديق”، إلا أن هناك صراعاً غير مباشر بين الطرفين وخلافاً في وجهات النظر في عدة دول.
من سوريا إلى ليبيا وصولاً إلى القوقاز، ساحات حرب تعتبر روسيا وتركيا أبرز الأطراف المتصارعة فيها وتمسكان بمفاتيح تسمح لهما بالتحكم بمصيرها، وإن اختلفت أهدافهما في كل دولة، إلا أنهما دائما ما يبحثان عن توافق في الرقع الثلاث يوقف أي تصعيد.
وبالعودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين فإن التنافس والمواجهات العسكرية كان السمة البارزة خاصة في زمن العثمانيين.
وتعليقاً على ذلك يقول الباحث السوري معن طلاع عبر حسابه في “فيس بوك، إن “ساحات المواجهة غير المباشرة بين روسيا وتركيا أضحت ثلاثا، لعلّ الغاية الاستراتيجية جعل مقاربة أستانة هي مقاربة ضبط الإقليم، والاستحواذ على مساحات تأثير واسعة تعيد تعريف الأثر والغلبة الأمريكية ولو بأطر التوازن، وسيبنى على ذلك تشكل نظم إقليمية عابرة للتقليد السائد”.
إدلب ساحة صراع مستمرة
وقد يكون الملف السوري الأبرز للدولتين، لما له أهمية خاصة لدى تركيا بسبب حدودها الطويلة مع سوريا، والخوف المستمر من إقامة دولة كردية على حدودها، الأمر الذي دفعها إلى شن ثلاث عمليات عسكرية ضد تنظيم “داعش” وميليشيا “قسد” خلال السنوات الماضية.
وعززت تركيا الداعم الأبرز للمعارضة السورية عسكرياً وسياسياً، من وجودها العسكري في سوريا، وخاصة في الشمال عبر نشر نقاط مراقبة عسكرية وإدخال آلاف الجنود والمدرعات والأسلحة الثقيلة، الأمر الذي أزعج روسيا حليفة أسد، وطلبت من أنقرة سحب أسلحتها ونقاطها.
وكانت بوادر صراع ظهرت بين الطرفين في شباط الماضي عندما قتل أكثر من 30 جندياً تركياً في إدلب بقصف لميليشيا أسد، لترد تركيا بقصف مواقع النظام وتستهدف قواته بطائرات مسيرة من نوع “بيرقدار”.
وفي ظل التصعيد توصل الطرفان إلى اتفاقية في 5 من آذار الماضي، نصت على وقف إطلاق النار في إدلب وتسيير دوريات مشتركة.
لكن الخلاف عاد مجدداً، قبل أسبوعين، بحسب ما صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بأن الاجتماعات مع الروسي بشأن إدلب لم تكن مثمرة، وسط تخوف من ملايين المدنيين في المنطقة إلى عودة المعارك والاشتباكات.
أما على الشق السياسي تعتبر الدولتان طرفين في محادثات أستانة إلى جانب إيران.
ليبيا
وإلى جانب سوريا برز صراع بين الدولتين في ليبيا خلال الأشهر الماضية، عبر دعم روسيا لميليشيا “حفتر” بمئات المرتزقة من مجموعة “فاغنر” الروسية.
في حين تدعم تركيا حكومة “الوفاق” المعترف فيها دولياً عسكرياً ووقعت معها اتفاقيات اقتصادية ودفاع مشترك، وإلى جانب إرسال مئات المقاتلين من الجيش الوطني السوري الذي صار يعتبر قوة أساسية على الأرض الليبية.
وتعتبر ليبيا ساحة مهمة في مجال الطاقة العالمية كونها غنية بالنفط والغاز، إلى جانب أهميتها في القارة الأفريقية، لذلك تتسابق كل من تركيا وروسيا لتوسيع نفوذهما السياسة والعسكري فيها.
وكانت بوادر خلاف ظهرت بين البلدين خلال الأسابيع الماضية، في ظل إصرار تركيا على دخول مدينة سرت الاستراتيجية وسط اعتراض روسي.
لكن وزير الخارجية تركي مولود جاويش أوغلو، كشف قبل أيام بأن مسؤولين من تركيا وروسيا اقتربوا من اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وعملية سياسية في ليبيا.القوقاز
أما ساحة الصراع الثالثة بدأت أمس الأحد في القوقاز عندما اندلعت المعارك بين أذربيجان المدعومة من تركيا وبين أرمينيا المدعومة من روسيا، إثر هجوم نفذته الأخيرة.
ووافق البرلمان الأذربيجاني على إعلان “حالة الحرب” في بعض المدن والمناطق، بسبب الاشتباكات في خطوط الجبهة بين أذربيجان وأرمينيا.
وذكرت وزارة الدفاع الأذربيجانية بأن أرمينيا قصفت مدينة “ترتر” الواقعة على الأراضي المتاخمة لمنطقة قره باغ صباح اليوم الاثنين.
ولكل دولة، روسيا وتركيا، مصالحهما الخاصة في أذربيجان التي تعتبر من الدول المنتجة للنفط وعضوا في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
وتكمن أهمية أذربيجان لتركيا لعدة أسباب، منها الروابط التاريخية والعرقية، إلى جانب العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتزويد أذربيجان لتركيا بالغاز إلى جانب العلاقات العسكرية والمناورات بين البلدين ودعم تركيا لباكو بالسلاح والعتاد، أما روسيا فتدرك مصالح الدول الغربية في حقول النفط الأذربيجانية.
وكان الرئيس التركي دعا عبر حسابه في “تويتر” أمس العالم للوقوف إلى جانب أذربيجان، قائلاً إن “الشعب التركي يقف بكل إمكانياته إلى جانب شقيقه الأذربيجاني”.
في حين وصفت الخارجية الروسية التصعيد في إقليم “ناغورني كاراباخ” بأنه “خطير للغاية والطرفان يستخدمان أسلحة ثقيلة بعد انقطاع طويل”.
نقلا عن اورينت نت