لندن- “القدس العربي”:
مسألتان لا يمكن إسقاطهما من الحساب السياسي عندما يتعلق الأمر بمحاولة فهم الأسباب التي تحول دون تمكن بشار الأسد من “إخضاع” ابن خاله ورجل الأعمال العملاق رامي مخلوف.
مخلوف الشاب يقود المواجهة التي يعلن أنها تستهدفه وعائلته مدعوما وبقوة من والده محمد مخلوف وهو أحد الأعمدة الأبرز في الطائفة العلوية بسوريا، ويقيم في روسيا مع عدد كبير من أحفاده وأولاده وأفراد عائلته الآن.
طوال الأزمة التي رافقت رجل الأعمال المشاغب كثر الجدل وتعددت الروايات وتراجعت الحقائق لصالح الانطباعات.
طوال الأزمة التي رافقت رجل الأعمال المشاغب كثر الجدل وتعددت الروايات وتراجعت الحقائق لصالح الانطباعات
لكن العنصر الأساسي في تلك المواجهة الداخلية لا بل العائلية والطائفية في بعض الأحيان له علاقة بما لا يعرفه الرئيس بشار ولا مجسات وأجهزة النظام السوري عن طبيعة وحجم الأموال التي تم تحصينها وتحريكها إلى الخارج طوال فترة الأزمة منذ عام 2011.
جهة لا يتطرق لها الإعلام هي التي فتحت أو “نكشت” الملف والمقصود به هنا حصريا السيدة الأولى في القصر الجمهوري في دمشق ووالدة الأبناء وزوجة الرئيس أسماء الأسد التي بدأت ودائرة محيطة جدا منها خصوصا بعد مرضها تفكر بالطريقة الكلاسيكية في انتقال السلطة لأبنائها لاحقا وبتعزيز حصة أولادها في إدارة الشؤون والبلاد.
اصطدمت أسماء الأسد وهي تدعم نحو خمسة من رجال الأعمال الجدد الشبان من أقربائها المباشرين بملف نفوذ رامي مخلوف وبملف المال الذي تمكن ومجموعته من إخراجه إلى خارج سوريا.
مع الوقت واستنادا الى حيثيات توثقت “القدس العربي” منها في إطار سجالات وسلسلة من الوثائق القانونية، تبين أن السيدة الأسد كانت أول المشتبكين مع إمبراطورية رامي مخلوف وعائلته.
بالتالي استجاب زوجها الرئيس وبدأ الجدال والسؤال والاستفسار بين فريق قانوني كلف بحصر ثروة مخلوف أن الأخير أبقى جزءا صغيرا من الكعكة في إدارة إمبراطوريته الداخلية وأن الجزء الأهم أفلت إلى الخارج وفي بعض الأحيان في إطار ودعم روسي.
مع التلويح المبكر بقانون قيصر الأمريكي أصبح البحث عن المال هوسيا في أقرب حلقات عائلة الحكم السوري.
مع التلويح المبكر بقانون قيصر الأمريكي أصبح البحث عن المال هوسيا في أقرب حلقات عائلة الحكم السوري
ومع الاشتباك الأول قررت السيدة الأولى مع زوجها السيطرة على ما تيسر من الفتات الذي ترك مخلوف في الداخل عبر قوننة عملية لها علاقة بالرسوم والضرائب.
السؤال الذي يطرحه المراقبون الخبراء هو التالي: لماذا لم تتم عملية تصفية رامي مخلوف على الطريقة السورية؟
عند الإجابة على هذا السؤال يقفز العنصر الثاني الذي لا يمكن إسقاطه من الحساب فالمطلوب ليس فقط ما يحصل الآن من إخراج لرجل الأعمال الشاب من معادلة الداخل الاقتصادي، بل تفكيك طلاسم ورموز المال الذي تم تهريبه للخارج، الأمر الذي وفر حماية ومنع أي أفكار أمنية بعنوان استهداف رجل الأعمال الغاضب بصفة جذرية ونهائية.
توفرت الحماية لرامي مخلوف من جهة أخرى فهو ووالده محبوبان جدا من الطائفة العلوية وينفقان عشرات الملايين من الدولارات عبر جمعية البستان الخيرية التي تختص حصريا بدفع المال أو التعويض لآلاف القتلى والجرحى والمصابين من أبناء الطائفة، وهو أمر دفع الحلقة القريبة من الرئيس بشار لإعادة بعض الحسابات.
شعبية رامي ومحمد مخلوف كبيرة في أوساط الطبقة الوسطى وفقراء الطائفة العلوية واستهدافهما مكلف جدا بهذا المعنى.
والدعاية المضادة في أوساط الطائفة اليوم تقول بأن الرئيس بشار بدا ينتقل بجيش النظام السوري من مستوى جيش طليعته وقواه الأساسية من الطائفة العلوية إلى جيش يقوده بعملية تدريجية الاعتبار الأسدي العائلي ضمن الطائفة وليس كل الطائفة.
ذلك جزء من المستور سوريا في أزمة رامي مخلوف مع أسماء وبشار الأسد.
نقلا عن القدس العربي