للمرة الأولى منذ نحو أربعة أعوام، دخلت قافلة مساعدات أممية إلى مدينة داريا بريف دمشق، الخاضعة لحصار محكم من قبل قوات النظام السوري والمليشيات الداعمة لها، لكن القافلة -وفق المكتب الإغاثي في داريا- لم تحتوِ على أي مواد غذائية، وغاب عنها الكثير من المواد الضرورية.
“والله تعبنا، أولادنا جاعوا، منذ يومين لم يأكل ابني سوى الخس، ماذا ينتظرون؟ هل يريدونه أن يصبح كومة من الجلد والعظم؟ والله حرام، نحن بشر”.. بهذه الكلمات عبرت أم ماهر عن صدمتها عندما علمت أن قافلة المساعدات التي دخلت مدينتها المحاصرة داريا للمرة الأولى منذ أربعة أعوام لا تحمل مواد غذائية لطفلها.
أمهات كثر مثل أم ماهر خيبت قافلة المساعدات الأممية آمالهم، فبعد انتظار طويل عاشه الأهالي تحت وطأة الحصار المحكم المفروض عليهم من قبل النظام وداعميه، لم تلب المساعدات التي حملتها القافلة إلا جزءاً يسيراً من احتياجاتهم غير الأساسية، كما يقول عضو المكتب الإغاثي في داريا مصطفى أبو الهيثم.
ويؤكد أبو الهيثم أن النظام لم يسمح بدخول القافلة إلا بعد تأكده من أنها خالية تماماً من أي مواد تشتد الحاجة إليها في المدينة.
ويضيف أنه بعد مماطلة متكررة من قبل النظام السوري، أفضت أكثر من مرة إلى إفشال إدخال أي مساعدات إلى المدينة، وتعطيل استمر حتى بعد موافقته على دخول القافلة، أخرت قواته هذه القافلة عدة ساعات، وعند وصولها إلى أطراف المدينة تم تفتيش الشاحنات بدقة.
وبعد دخول القافلة -يتابع عضو المكتب الإغاثي- “فوجئنا بأنها مكونة من خمس شاحنات متوسطة الحجم، معظمها شبه فارغ، ولا تزيد حمولتها عن ثلث الحمولة المفترضة. وعند إفراغ المساعدات، تبين أن قرابة 90% منها لا حاجة ملحة له من قبل الأهالي”.
ويوضح أبو الهيثم أن المواد التي تم استلامها تتألف من ناموسيات للبعوض، وكراس متحركة، وأدويةللصرع والجرب والقمل، بالإضافة إلى كمية قليلة من الحقن المضادة للالتهاب وحليب ولقاحاتالأطفال.
كميات محدودة
ووفق المتحدث ذاته فقد غابت المواد الغذائية بشكل كامل والكثير من الأدوية الضرورية، مثل علاجات الحروق وأدوية النساء الحوامل، بالإضافة إلى مواد تنقية المياه.
ويؤكد أبو الهيثم أن المساعدات الأممية لداريا اقتصرت على كميات محدودة من المواد الصحية والطبية غير الأساسية.
وكان مفترضا حسب الوعود الأممية، أن تغطي المساعدات الحاجات الملحة للأهالي على دفعتين، الأولى طبية والثانية غذائية، لكن الوفد الأممي أبلغ المكتب الإغاثي بأن الدفعة الثانية من المساعدات قد لا يتم إدخالها.
ويعتقد أبو الهيثم أن الأمم المتحدة وكافة الجهات في المجتمع الدولي شركاء للنظام وداعميه في جريمة تجويع المدنيين بداريا.
ويعتبر أن هذه الجهات لم تتحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين في داريا، وسايرت النظام في جرائمه، وساعدته على إخفاء الحقائق المتعلقة ببشاعة ما يمارسه في المدينة، بحسب وصفه.
وقصفت قوات النظام السوري الجهة الغربية من مدينة داريا أثناء وجود قافلة المساعدات الأمميةفيها، رغم أن 11 سيارة جيب رافقتها تحمل عدداً كبيراً من المسؤولين والناشطين الأجانب التابعين لمنظمات دولية مختلفة.
يذكر أن الجهات التي شاركت في إدخال القافلة وتجهيزها هي صندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الهجرة الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية، والهلال الأحمر السوري.