بهذه الكلمات المُحمّلة بظلمِ الغُربة بدأت أسماء “اسم مستعار” ذات الـ ٥٠ عاماً، من ادلب، حديثها والأسى يقتاتُ من وجهها المُتعب، حيثُ أخبرتها إدارة المنظمة أنّها ستقلل ساعات عمل الموظفين مقابل نصف راتب.
تقولُ أسماء أنّ القصة بدأت بعد أن طالب الموظفون إدارة المنظمة بحاجتهم لِرفع مُرتباتِهم بما يتناسب مع وضع الليرة التركية والدولار، الذي عانى منه جميع الناس في تركيا مؤخراً “ومما يزيد الطين بلّة” هو وضع اللاجئين الذين لا حق لهم، فبعض المنظمات توظّف السوريين بأجر يكاد يصل إلى أقل من نصف الحد الأدنى للأجور في تركيا.
تكملُ أسماء كلامها بحُرقةٍ: “عم يستغلونا ويستغلوا حاجتنا ونحنا ساكتين وعم نقول يلا معلش الرمد أحسن من العمى، أما انو نصير نطلع نداوم خمس أيام بالأسبوع وخمس أو ست ساعات ع ألف ليرة!!
والله لو مافي مشاريع كان سكتنا، كان قلنا معلش لبين ما يجي مشروع، بس عم يفتحو أفرع للمنظمة بمناطق تانية ونحنا بيقللوا من أجرنا”
تُعقّب صديقتها سلام “اسم مستعار” ٣٠ عاماً، من حماة، بضحة يملؤها الألم والقهر، “إذا إنتِ ومعك شهادة وخبرة هيك وضعك، أنا ع هالحال يا دوب يوصل راتبي ٤٠٠ ليرة!” وتضيفُ بنبرة فيها سُخرية: “والله لو بقعد ع باب الجامع كان جمعتهم بيومين”
سألتهما عن وضع أزواجهم أو أبناءهم، فأجابت أسماء: “زوجي رجّال كبير، كان يشتغل ممرض لما كنا بسوريا، وهون ما لاقى شغل، أصلاً الله يعينه مريض وبيتعب من طلعة الدرج، أما أولادي كل واحد يا دوب ملحق ع بيته وأولاده”.
أمّا سلام فزوجها يعمل باليوميّة، إن وجد عملاً كان هنالك دخل في ذلك اليوم، وإن لم يجد عاد لأطفاله الخمس وزوجته ووالدته صِفراً خاوي اليدين.
تصمتُ أسماء برهةً ثمّ تختنق بالكلام فتلفظهُ وتقول “كنت معلمة وبستلم راتب من الـ ”PTT” وبعطي كمان حصص خصوصي، لما طلبوني تركت كل هاد واشتغلت معهم ع أساس منظمة إلها سمعتها”
لم يكن هنالك من الكلام ما أُهدّئ بهِ روعهن، إلّا أن أُتشارك مع سلام النُّكات التي تُحوّل مأساتنا لِضحكاتٍ تؤنِسنا في الغربة، فترسمُ على الوجوهِ المكتئبة ابتسامةً، وإن كانت حزينة!
وما زال مستقبل هؤلاء مُعلّقاً بين مُديرٌ يُدافع وآخر يُطالب بعقوبة هؤلاء المتمردين المُطالبين بحقوقهم.
قصة خبرية بقلم: زينة رحمة
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع