عندما يظن الظالم نفسه منجزا، أو إنسانا قويا لا يتأثر بالضغوطات التي يواجهها، تزداد ثقته بنفسه ليوهمها أنه إنسان سوي وفعال في المجتمع يصعب قهره، فترتفع عنده الرغبة بالظلم في ظل غياب الوعي والإدراك لحقيقة تصرفاته وأفعاله.
ولعل المقابلة التلفزيونية التي أجرتها “أسماء الأسد” زوجة رأس النظام السوري بشار الأسد مع قناة روسيا 24 في إطار فيلم وثائقي أعدته القناة الروسية عنها، وفق ما نشرته روسيا اليوم توضح تلك الحقيقة، فقد ظهرت واثقة النفس منطلقة اللسان وتتحدث بكل جرأة وتجيب عن أسئلة المذيعة التي تحاورها بطريقة مدروسة، فكان السؤال الموجه لها “هل عرض عليك مغادرة سوريا أو الهرب منها للمحافظة على حياتك وما كان ردك”.
فكانت إجابتها صاعقة ومكملة لنهج زوجها في سياسة الكذب والمراوغة من المنطلق نفسه “سوريا بخير”، لتقول إنه عرض عليها أن تهرب من سوريا بضمانات مالية وحماية أطفالها، إلا أنها رفضت الفكرة مبررة ذلك أن الأمر لا يحتاج لعبقرية في معرفة ما يبغيه أولئك من وراء تركها للبلد في زعزعة ثقة الشعب برئيسهم “الصامد”.
وفي التعليق على دور الغرب في تأجيج الأزمة في بلادها، تساءلت الأسد عن السبب من وراء إجحاف وسائل الإعلام في تغطية مأساة أطفال قرية الزارة وتركيزها على تغطية مأساة الطفلين إيلان وعمران.
وأضافت:” لقد قررت وسائل الإعلام الغربية التركيز على هذه المآسي نظرا لأنها اتفقت مع أجندتها، فالغرب لا غيره هو الذي فرق أطفالنا المنخرطين في هذا النزاع وفقا لمواقف ذويهم”.
لسنا بصدد سرد حديثها وإجاباتها الملفقة التي تعكس شخصيتها المتقمصة من الواقع الوهمي الذي يرسمه موالو الأسد في أذهانهم، فبعد غياب ثماني سنوات عن المقابلات التلفزيونية حاولت أن تحافظ على قوتها وثباتها لتبرهن لمن سيتابعها أنها صامدة برفقة زوجها وتسانده في محاربة الإرهاب واستعادة الأراضي السورية التي خرجت عن سيطرتهم.
والحقيقة التي تحاول “الأسد” إنكارها أن إيلان وعمران هم مجرد أطفال بغض النظر عن انتماءات ومواقف ذويهم، فهي تحاول ادعاء الإنسانية وتعجز كلماتها عن مساعدتها.
وعلق أحد المواطنين من دمشق على تصريحاتها :” من الطبيعي أن تبقى السيدة أسماء في سوريا وأن ترفض العروض المغرية، فهي تعيش في قصر مرفه ومحصن لا يطاله أذى وتحت الحماية المشددة، لكن الحسرة على الشعب المشرد المسكين في مخيمات النزوح ودول اللجوء، والذي لم يقدم له أحد عروضا مالية أو ضمانات تأمين على حياته، تتحدث بأنانية وكأنها تعيش في غير كوكب”.
ومن يتابع تلك المقابلة “المفبركة” ويعلم ما يجري على أرض الواقع، يعي جيدا أن مرض زوجها المعدي قد انتقل إليها، وهو مرض خطير لا أمل في الشفاء منه، فقناعاتهم ومعتقداتهم في الحرب السورية يصعب تغييرها أو تقويمها، ويبدو واضحا أنها راسخة في أذهانهم، فعشرات الأطفال تقتل يوميا على يد طائراتهم الحاقدة دون رادع وتحت ذريعة قتل “الإرهاب” في نفوسهم الغضة قبل أن يكبر فيهم كره النظام والنقم عليه.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد