أجنة لم يكتمل لديها مفهوم الكلمة بعد لتهتف بإسقاط النظام، ولتنسج على أقمشة بيضاء كلمات الحرية، لكن النظام استبقها و كتب على قماشة بيضاء مصيرها و ألبسها كفن الموت، هي لم تكن إرهابية لكن بحجة القضاء على الإرهاب استقبلها الموت في أول شهقات الحياة.
“بأي ذنب قتلت” عبارة حملتها صورة الجنين الذي رأى الموت قبل حياته في مجزرة ارتكبتها الطائرات الروسية في مدينة إدلب يوم 20/ديسمبر 2015 استهدفت فيها المحكمة الشرعية في المدينة وعدة مناطق أخرى، راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد وأكثر مم 150 جريح، كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
يعود و يتكرر المشهد في مجزرة أخرى يرتكبها الطيران الروسي بحق المدنيين في مدينة كفرتخاريم بريف إدلب بتاريخ 28/يناير 2016، حيث خطف الصاروخ الغادر عشرات المدنيين من أهالي المدينة، من بينهم المرأة التي كانت تحمل في أحشائها الجنين الذي لم يُمنح الحياة بعد، و لم تكن له هوية و لا انتماء لتقع عليه مجريات تلك الأحداث، و تطاله يد الحرب المجرمة.
موت الأجنة لم يكن بسبب القصف و النزاعات المسلحة في البلد فقط، فإن سلموا من نيران الحرب، فإنهم لم يسلموا من ظروف الحياة الصعبة في ظل الحرب، من نقص في المعدات الطبية في المشافي، فتراجع الخدمات الطبية لم تستطع تأمين جو مناسب للمولود حديثاً، بالأخص الأطفال الخدج الذين تتم ولادتهم قبل إتمام الأشهر التسعة للحمل، و هم بحاجة لحاضنات تحفظ لهم حياتهم و صحتهم.
فقد صدر تقرير مفصل للشبكة السورية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان حول وضع المشافي في مدينة حماه، عن موت الأطفال الخدج داخل الحاضنات في مجمع الأسد الطبي في حماه، نتيجة قطع الكهرباء عن المشفى و عدم إمكانية عمل المولدات بسبب قطع الوقود عن المشفى.
تقول “إيمان” : بينما أراقب طفلي في الحاضنة، و أنا في حالة خوف و قلق على حياته إذ يعاني من نقص في الوزن و يحتاج إلى جهاز تدفئة و كهرباء دائمة لتشغيله، يلفظ طفلي أنفاسه الأخيرة ليموت بين يديَّ و أنا عاجزة عن مساعدته”.
حيث أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” عن قلقها لتزايد وفيات الأطفال في سورية، و أشارت إلى النقص في المعدات الضرورية مع تأثر المنشآت الطبية جراء استمرار العنف، و قد كانت منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريراً يشير إلى أن أكثر من 185 مستشفى و عيادة طبية قد تضررت في الصراع الدموي الذي يعصف بالبلاد.
تعددت الأسباب و الضحية واحدة، دائماً في كل الحروب التي تجتاح البلاد يكون الأطفال هم الخاسر الأكبر، فما ذنب تلك الأجنة و حديثي الولادة الذين لم يتمتعوا بحق الحياة بعد، حتى يسلب منهم ذلك الحق بالموت، و إن لم يحرموا الحياة فإنهم يفقدون مستقبلهم في ظروف الحياة القاسية، أو يخسرون أحد أبويهم.
حيث مؤخراً تناقلت وسائل الإعلام في الأيام الماضية حدث “الجنين المعجزة” كما أطلق عليه الأطباء و من حضر ولادته، كُتبت له الحياة بطريقة عجيبة ليتحدى الموت في بلد يعاني الويلات منذ سنوات، “عبد الفتاح” هذا الجنين الذي ولد في الشهر الثامن بعد إصابة والدته بقنبلة عنقودية ناتجة عن قصف الطيران الروسي، اخترقت الشظايا بطنها ووصلت إلى رأس الجنين في مدينة كفرلاها في الحولة في حمص يوم 27/يناير 2016.
أمام تلك المشاهد و الأحداث التي تجري يقف العالم الدولي صامتاً دون تحريك ساكن، و تتناقل وسائل الإعلام صور تلك الأجنة التي شوهتها الحرب و فاجأتها بمماتها قبل حياتها دون جدوى، فإلى متى سيقف العالم صامتاً أمام انتهاكات النظام لأطفال سوريا وكيف سيكون أطفال سوريا بعد الحرب؟!
المركز الصحفي السوري ـ ظلال سالم