يبدأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، زيارة إلى السعودية لمدة ثلاثة أيام، يلتقي خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وعدداً من المسؤولين السعوديين، ويبحث معهم معظم الملفات العربية الساخنة، من العراق إلى سورية واليمن ومصر وليبيا، بما يحقق اعترافاً عربياً واضحاً، بأهمية تركيا على المستوى الإقليمي كلاعب رئيسي.
”
تأتي زيارة أردوغان بعد أن عانت العلاقات التركية السعودية توتراً شديداً على خلفية مجموعة من القضايا، أهمها الإطاحة بمرسي
”
وتعدّ زيارة أردوغان الثانية من نوعها هذا العام إلى المملكة، بعد أن قطع جولته في شرق أفريقيا، بشكل مفاجئ، الشهر الماضي للمشاركة في جنازة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. كما تأتي زيارة أردوغان، التي تنتهي يوم الاثنين المقبل، بعد أن عانت العلاقات التركية السعودية توتراً شديداً، على خلفية مجموعة من القضايا، أهمها الإطاحة بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
اقرأ أيضاً: السيسي قريباً في السعودية: ترتيب العلاقات الخارجيّة
لكن خطوات التقارب بين أنقرة والرياض، تسارعت بعد التغيرات الجذرية التي حصلت في الإدارة السعودية، بتولي الملك سلمان مقاليد الحكم، ليقوم وزير الداخلية التركية، إفكان آلا، بالتحضير لمجيء أردوغان عبر زيارة خاطفة، قام بها إلى الرياض في 15 فبراير/ شباط الحالي، التقى خلالها بوزير الداخلية، وولي ولي العهد، محمد بن نايف، تخللها، بحسب البيان الصادر عن وزارة الداخلية التركية، مناقشة ملفات المنطقة في كل من سورية والعراق واليمن، وبرنامج تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة.
إضافة إلى كونه بوابة تحسين العلاقات بين الطرفين، يعتبر الملف السوري أهم الملفات التي من المتوقع أن تتناولها المحادثات، إذ بدأت الانفراجة في العلاقات السعودية التركية بشكل رئيسي بعد التوافق، بين كل من تركيا وقطر من جهة والسعودية من جهة أخرى، الذي أوصل خالد خوجا، المعروف بقربه من الأتراك، في بداية يناير/كانون الثاني الماضي إلى رئاسة الائتلاف السوري المعارض، خلفاً لأحمد الجربا المعروف بقربه من السعودية. ويعزز هذا التقارب الانخراط الرسمي لأنقرة إلى جانب الرياض في التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، بعد الاجتماعات العسكرية لقوات التحالف التي عقدت في مدينة جدة، بمشاركة الجنرال إردال أوزرتورك، قائد قسم العمليات العسكرية في هيئة الأركان التركية، تزامناً مع توقيع أنقرة وواشنطن الاتفاق النهائي حول برنامج تدريب قوات المعارضة السورية المعتدلة، الذي سيبدأ في مارس/آذار المقبل بحسب التوقعات.
”
الملف العراقي والتطورات الأخيرة التي حصلت بعد مماطلة حكومة العبادي في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي،
ستكون حاضرة في المحادثات
”
وستتناول المحادثات السعودية التركية أيضاً الملف العراقي، والتطورات الأخيرة التي حصلت، بعد مماطلة الحكومة في تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الذي أدى إلى تشكيل الحكومة العراقية بقيادة حيدر العبادي، كتشكيل قوات الحرس الوطني. وعلى الرغم من الحلحلة التي حصلت بين أنقرة وبغداد إثر الزيارات المتبادلة بين رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، ونظيره العراقي، إلا أن أنقرة ما زالت مستمرة في سياساتها بدعم إقليم كردستان العراق، مشكلة الحليف الأهم له في المنطقة. وهو الأمر الذي تبلور بعد أن تضمّنت الاتفاقية بين أنقرة وواشنطن، تدريب قوات البشمركة الكردية، مما يشكل نقطة التقاء أخرى بين تركيا والسعودية، إضافة للعداء الواضح لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.
ويتوافق الطرفان على الموقف من استيلاء الحوثيين في اليمن على السلطة، إذ رفضت أنقرة والرياض انقلاب الحوثيين على الشرعية في صنعاء. وعبرت الخارجية التركية، في بيان لها في بداية الشهر الحالي، عن “عميق قلقها من قيام حركة أنصار الله (الحوثيين)، بوضع يدها على السلطة في اليمن، عبر تشكيل “اللجنة الثورية من جانب واحد”، لتقوم في وقت لاحق بإغلاق السفارة التركية في صنعاء وتحذير الاتراك من زيارة اليمن.
في غضون ذلك، يبدو أن الطرفين اتفقا على تجاهل الخلافات حول مصر. وعلى الرغم من التسريبات التي أكدت تزامن زيارة أردوغان مع زيارة مقتضبة للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي إلى الرياض، فمن غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تقارب وحلحلة في العلاقات التركية المصرية، وإن كان قد يؤدي إلى تخفيف الضغط على حركة “حماس” في غزة، إذ يبدي أردوغان رفضاً قاطعاً لأي تطبيع للعلاقات بين الطرفين، من دون أن يكون ذلك متزامناً مع صفقة على المستوى الداخلي المصري بين النظام المصري ومعارضيه.
وعلى الرغم من الخلافات الشديدة بين أنقرة وطهران على إدارة معظم الملفات في المنطقة، فمن غير المتوقع على المدى المنظور، أن يؤدي التقارب التركي السعودي إلى تشكيل تحالف واضح وقوي ضد إيران، إذ إن تركيا ما زالت حذرة في التعامل مع طهران. وعلى الرغم من أهمية المحادثات بين إيران والغرب حول الملف النووي، لم يأت على ذكرها أي من المسؤولين الأتراك أو الصحافة التركية، فيما بدا انتظاراً لما ستتمخض عنه هذه المحادثات، حيث إن أي اختراق في المحادثات سيعيد ترتيب الأوراق في المنطقة بشكل كبير.
العربي الجديد – باسم دباغ