” درست 4 أعوام في كلية الطب البشري في جامعة دمشق، و فُصلت بعد مراجعة فرع الأمن السياسي في مدينة دمشق”، بتول الحسن، تُهم كثير وجهت إليها في العام الثاني من الثورة، تحديدا في شهر شباط 2012م، “قالي لي المحقق آنذاك أني أعمل مع المجموعات المسلحة برصد الحواجز و تأمين المستلزمات الطبية ومساعدة الجرحى بتضميد الجراح “.
تصمت بتول برهة، وتضحك بغرابة غير طبيعية، تقول : أكثر ما صدمني أثناء التحقيق من المحقق، هو دقة معلوماته، كل تحركاتي كان يعرفها، حتى بعض المواقف لم أكن أتذكرها لكنه قالها وكأنها لشخص آخر، تشتت أفكاري هل أنكر أم اعترف، اتبع اللَطف والسهولة في محاورتي، حتى كاد يخرج مني كل ما يريد، وكدت أن أؤمن له، إلا أنه يبقى مع المجرم وبصفه، كيف أثق به و هو عنصر مخابرات و أسلوبهم معروف في الحصول على المعلومات، هذا ما خطر لي في آخر لحظة.
تضيف بتول، طلب مني الحضور في اليوم الثاني، وكأنه يقول لي اذهبي ولا تعودي، لأن المصير معروف، خرجت من الفرع وأنا أعيد و أراجع كل المواقف ما حصل معي، حتى أهلي لم أخبرهم بنشاطي، ترى هل هناك من بين الثوار عميل للأمن، إذا من أوصل المعلومات، لم أتصور أن يكون من أحد من أبناء جلدتي قد وشى به، كان تفكيري بريء لدرجة عالية من السذاجة!
حينها دخلت إلى السكن الجامعي حيث أقطن فيه و زملائي، التقيت فور دخولي إلى الغرفة إحدى زميلاتي لتُلقي عليّ سؤال الاطمئنان عمّا حصل معي وكأنها على دراية كاملة لما جرى، كان ردي بكلمة الحمد لله لم يحصل شيء، ثم توّجهت الى سريري فالتعب كاد أن ينهش بدني، وأنا مذهولة من كلامها.
أتت في المساء وحاولت أن تعرف ما حصل، خطرت ببالي فكرة وقلت لها أني أقنعت المحقق بكذب المعلومات كلها بعد أن قمت بالتمثيل بالبكاء ومطالبته بتصديقي، وفعلا قال لي اذهبي انت بريئة وغدا سنحضر من أرسل المعلومات ومعاقبته، هنا تغيرت ملامح وجهها ولم تتحدث بحرف واحد، و أنا هنا أخذت دور المنتصر وكلمتها عن صفاقة وخيانة من يشي بأخيه وأخته للأمن.
وفي الصباح الباكر قررت الذهاب إلى أهلي تاركة أحلامي ودراستي بسبب وشاية من زميلتي للأمن عني، تلك التي كادت تقتلني ولا أدري لمَ!!
سهير إسماعيل
المركز الصحفي السوري