يحمل كتابه بين جنبيه، كالأم تحمل طفلها بحنانٍ ومودةٍ، يقلب صفحاته بكل شغفٍ، فالكتابُ أصبحَ حياته وباب مستقبله المنشود.
“عبدالرحمن” شاب في الرابعة والعشرين من عمره، أجبرته الظروف على التأخر عن الدراسة وانشغاله عنها، لكن حرقة قلبه وأمله في حصوله على الشهادة الجامعية أرغماه على العودة لها من جديد.
يحكي عبدالرحمن قصته الدراسية، وبريق الأمل يشعّ من عينيه، يحمل كتابه في شماله وعلى يمينه قلمهُ وفنجان القهوة:
“أرغمتني الحرب على ترك دراستي والانشغال عنها، لكن عقلي لم يفتأ يفكر بها، فحلمي المنشود سأحققه ولو بعد مئة عامٍ”
سأصل، كلمة يكررها عبدالرحمن دوماً، وفي قلبه الكثير من الأمل، “بعيداً عن الحرب وماخلفته من دمارٍ، علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي ونرضخ للجهل، فالجهل آفة الحروب، وعلينا محاربته كلٌٌ منا على ثغر”
تعرض عبدالرحمن في بداية مشواره الدراسي هذه السنة للكثير من الانتقادات، “كيف تدرس وأنت بهذا العمر؟ وما فائدة الشهادة في هذا الوقت؟ عليكَ أن تعمل وتتزوج ودع عنك هذه الأفكار”
لم يأبه عبدالرحمن بكل الانتقادات، يتابع دراسته ودوامه في المعهد بانتظامٍ، ورغم ازدحامات المخيم والضجة فيه، يجلس ساعاتٍ طوال يدرس ويجتهد لتحصيل شهادةٍ طال انتظارها، ولسان حاله يقول “شهادتي هي حصانتي وبوابة مستقبلي، سأسعى جاهداً حتى أحصل عليها”
عانى أهالي الشمال السوري الكثير خلال سنوات الحرب، منها حرمان آلاف الأطفال من تلقّي تعليمهم، بعد تدمير آلة الحرب لمئات المدارس، وتشريد التلاميذ في مخيمات اللجوء التي تفتقر لأدنى المقومات التعليمية لهؤلاء الأطفال.
ويبقى السؤال.. إلى متى يبقى أبناؤنا أسرى الظروف يتجرعون مرارة الحرب والتهجير وحرمان أدنى حقوقهم للعيش في كرامةٍ، لعلّ عبد الرحمن استطاع مواجهة ظروفه القاسية وواقعه المرير، لكن مابزال هناك المئات بل الألوف من أبنائنا وبناتنا ينتظرون يداً حانية تأخد بأيديهم إلى بر الأمان .. طريق العلم والمعرفة .
المركز الصحفي السوري
قصة خبرية/إبراهيم الخطيب