كل الصدامات التي حدثت بين أبناء مدينة السويداء والأجهزة الأمنية ولم يقتنع النظام السوري بأن أبناء هذه المدينة لا يريدون الخدمة والقتال الى جانبه، فالمدينة أصبحت شبه خاوية بعد أن هاجر القسم الأكبر من الشباب لخارج سوريا لرفضهم الخدمة في جيش النظام، فيما من تبقى أصبحت حركتهم محدودة خوفاً من الحواجز التي بدأت تنتشر لإعتقال الشبان و سوقهم للخدمة.
ولقد لجأ أبناء السويداء إلى أسلوب جديد لحماية أنفسهم من أي غدر يتعرضون له من قبل حواجز الأجهزة الامنية عبر وضع قنبلة أو اثنتين معهم ضمن ملابسهم بحيث يتم استخدامها عند ظهور أي حاجز أمامهم بشكل مفاجئ عبر سحب الأمان من القنبلة ورميها على الحاجز أو تفجير أنفسهم إن اضطر الأمر ولا أن يتم سحبهم مجبرين للخدمة.
” أنا قصة إنسان ” أجرت عدة حوارات مع شبان من أبناء المدينة على خلفية استخدامهم هكذا أسلوب للدفاع عن انفسهم وعن أسباب رفضهم للقتال حيث يقول معتز ناشط في الثلاثين من عمره لـ”أنا إنسان”: “يطول الحديث عن تطور الأحداث في سوريا ووصولها إلى الصراع المسلح، وأسباب حياد السويداء عن العمل المسلح، لكنها لم تكن يوما بعيدة عن الحراك السوري، فأبناؤها منتشرون في كافة الأطياف المعارضة السياسية منها وجزء من العسكرية، ولها قتلى في سجون النظام، كما أنها استضافت مئات الآلاف من العائلات السورية من مختلف المحافظات وهم يعيشون بين أهلها معززين مكرمين”.
ويتابع “أما فيما يخص القوات النظامية ومسألة الإلتحاق بها، فهي مسألة معقدة قليلا، فبالمجمل هناك رفض للإنخراط في الصراع الدائر مع الحفاظ على تحييد المحافظة والإبقاء عليها منطقة أمنة للجميع، هذا ما جعل أكثر من 30 ألف شاب يمتنعون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الاجبارية والإحتياطية إلى اليوم، وحتى انهم رفضوا العديد من التسويات، وقرروا البقاء في محافظتهم وفي منازلهم وأن لا ينخرطوا في هذه الحرب الدموية”.
ويعقب، ربيع، عشرون عاما ، ومطلوب إلى الخدمة الإحتياط، قائلا لـ”أنا إنسان”، “صحيح أن السويداء مهمشة إعلاميا وكثير من السوريين لا يعلم شيء عما يدور بداخلها، إلا اننا نعيش تجربة قاسية حيث نحاول جاهدين الحفاظ على الحياة الآمنة داخلها ووجد مؤسسات الدولة، وفي ذات الوقت، نمانع توجهات النظام ورغباته الرعناء”.
ويضيف “أخر تلك النزوات هي حملة سوق الشباب إلى الخدمة العسكرية بالقوة، الأمر الذي تسبب في الأيام الأولى منه إلى اعتكاف شريحة واسعة من الشباب عن الحركة بين البلدات والمدن، خوفا من الدوريات والكمائن، وسرعان ما تجمعت الشباب بشكل عفوي، وأصدر أكثر من 10 بيانات تبين أن ابناء المحافظة يجاهدون لعدم الاصطدام مع الأجهزة الأمنية والقوات النظامية المتواجدة في المحافظة، وأنهم يرفضون بشكل قاطع مبدأ إجبار الشباب على الالتحاق بالخدمة العسكرية، منذرين جميع الأجهزة والحواجز بأنه في حال حدوث أي حالة اعتقال أو توقيف لشباب السويداء، فسيحولهم على أهداف مشروعة لهم”.
وأفادت مصادر أهلية مطلعة، من داخل محافظة السويداء، “أنا إنسان”، أن “النظام دفع الشباب بشكل عام إلى التسلح بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة على عمر الحملة، فقد أصبح الشباب يتجولون اليوم وهم يحملون سلاحهم وخاصة القنابل، فقد أوصلهم النظام على خيار الموت أو الحياة، ما يهدد بحدوث انفجار الوضع في هذه المحافظة التي حافظة على استقرارها طوال السنوات الماضية، إن حدثت أي محاولة أمنية لإعتقال الشباب”.
من جانبه، قال مروان، ابن العشرين عاما، والممتنع عن اللإلتحاق بالقوات النظامية، في حديث مع “أنا إنسان”، إن “كان لا بد من الموت، فسأموت في السويداء، لكن ليس لوحدي فسأقتل معي أكبر عدد ممكن من أي دورية تحاول اعتقالي وإجباري على الالتحاق بالقوات النظامية”، قال ذلك وهو يخرج من جيبه قنبلتان يمسكهما بإحكام، وبنبرة صوت حادة غير مترددة وكأنه حسم أمره، واقفا على مفترق الحياة أو الموت.
ويحذر مراقبون من تصعيد النظام للأجواء في السويداء، معتبرين أن الإحتقان الحاصل في المحافظة وخاصة بين الشباب فيها، قد يؤدي إلى إنفجار الأوضاع وحدوث صدامات دامية، مذكرين بما حدث على خلفية اغتيال قائد “شيوخ الكرامة” وحيد البلعوس مؤخرا، ما قد يفلت الأمور من يد العقلاء في المحافظة.
ريان محمد – السويداء -خاص :أنا قصة إنسان