“عملٌ ونوم، ملخص حياتي في تركيا خلال السنوات القليلة الفائتة، ولست وحدي فقط فآلاف الشبان يعيشون هنا على نفس الروتين اليومي، يعملون ليل نهار لمواكبة مستلزمات المعيشة في تركيا، ورغم ذلك لا يجدون ثمرة عملهم وبركة جهدهم، فالمصروف اليومي بالكاد يتلاءم مع دخلهم، عدا عن عوائل تنتظرنا بحاجة لمن يعيلها”.
يعمل أحمد في اسطنبول الأوروبية في ورشات كوي الملابس وفق نظام اليوميات، أي أنه يأخذ أجرة شغله كل يوم “أعمل في ورشات الكوي بشكل يومي، واضطر للعمل أحياناً في ورديتين متعاقبتين عند حاجتي الماسة للمال، فهنا لا نعلم من أين تأتي المصائب والمصاريف”.
“عند أخذ أجرتي، أشتري طعاماً وشراباً ودخانا بأكثر من نصف المدخول، وأذهب إلى البيت الذي لم أعرف فيه الراحة قط، سكن شبابي يضم ما يقارب عشرة شبان وأنا منهم، لا يعرف سكننا الهدوء وتكاليفه ترتفع بشكل كبير بين مصاريف الغاز وفواتير الكهرباء والمياه وأخيراً أجرة السكن والأكل المشترك”.
لا يعرف أحمد ورفاقه الراحة، ويزيد قلقهم ومتاعبهم القرارات التركية الصادرة بحقهم ونظرة المجتمع التركي لهم على أنهم يقاسمونهم خيرات بلادهم، بينما في الحقيقة هم يتعبون ويعلمون لتأمين لقمة العيش، وجهدهم أكبر ومرتبهم الشهري أقل من العامل التركي، لذلك أصبح معظم هؤلاء الشبان يفكرون بالعود إلى سوريا.
“كل يوم تصدر قرارات بحقنا تزيد من المتاعب والصعوبات، فمنذ أن توقفت بطاقة الحماية المؤقتة الخاصة به “الكملك” تطلب الأمر مجهوداً كبيراً وتكاليف عالية لإعادة تفعيله، ومن لا يملك تلك البطاقة واحتاج لاستخراج واحدة فسيواجه متاعب عديدة، ويرسل من ولاية إلى أخرى بحجة طوابع وتواقيع وغيرها، وفي النهاية لا يحصل على الكملك”.
ليس هذا وحده ما يتحدث عنه أحمد، فيقول أنهم في تركيا حرموا الكثير كالراحة والطمأنينة والأجواء العائلية التي كانت تجمعهم سابقاً، ويؤكد “كنا نعيش على أمل اللقاء مع عوائلنا كل عام في إجازة العيد، لكن عيد هذه السنة مختلف، لن يحمل لنا تلك الروح والسعادة العارمة التي كنا نعيشها في أكناف عائلاتنا”.
في المقابل، أنفق هادي الكثير من المال في سبيل استخراج الكملك بعد دخوله منذ أكثر من عام إلى تركيا، وهو اليوم يعيش في أنقرة يحاول إيجاد عمل يناسبه بعدما تعب وذاق الأمرين ولن يقدر على أن يحصل على تلك البطاقة ويقول “حصلت عليها لبضعة دقائق فقط، بعد جهد أشهر وإنفاق أكثر من 10 آلاف ليرة تركية”.
حصل هادي على بطاقة الحماية المؤقتة، لكنه لحظة الحصول عليها قاموا بتمزيق البطاقة بحجة وجود بعض الأخطاء البسيطة، “أنهوا تعب أشهر بلحظات، كنت قد أمضيت الوقت الطويل للوصول إلى تلك اللحظة التي بحثت عنها لأرتاح من شبح التسفير إلى سوريا، لكنهم مزقوا البطاقة التي سافرت لأجلها عشرات المرات وساعات طوال بلحظة”.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع