قبل بضعة أيام ضجت الشبكات الاجتماعية بعد أقوال معيان آدم، التي قيلت كحقيقة مسلم بها: “جميعنا نخاف من العرب”. إن ذلك التصريح الذي وثق مسافرة تنزل من سيارة لأن سائقها عربي، أثار موجة ردود عاصفة، جعلت معيان آدم تنشر نصاً مثيراً أرادت فيه ممن يتابعونها الانضمام إلى الشعور الذاتي الأصيل والطبيعي وغير المسيطر عليه للخوف، والدفاع عن حقها وحق الآخرين في الخوف.
في محاولتها الدفاع عن أقوالها بعد انفجار العاصفة، حاولت معيان أن تعرض الخوف من العرب كخوف حقيقي له أساس، ويستدعي رداً معقولاً وطبيعياً يتمثل في الهرب أو المواجهة، وهو وضع -حسب رأيها – فيه خطر واضح وفوري، والهرب هو الخيار الأفضل والمشروع.
أثارت أقوال الناجية المتقاعدة لدي تساؤلات حول الخوف. هل نحن متساوون في مواجهة الخوف؟ هل كل خوف مشروع؟
للخوف دور مهم في بقائنا كحيوانات، ويبدو أن هناك موتاً بسبب الخوف، لكن لا يمكن العيش بدون خوف. هناك عدة أنواع للخوف، أحدها الخوف المكتسب، وهو الخوف الذي يثور في أعقاب عملية خبرة وتعلم. ولا شك أن للعيش في ظل نزاع قومي دموي تأثيراً حاسماً على تشكيل مشاعرنا بشكل عام وعلى الخوف بشكل خاص. العيش في ظل النزاع أورثنا الخوف وعلمنا الكثير عنه.
في طيف مشاعر التجمع العربي الفلسطيني في إسرائيل احتل الخوف مساحة كبيرة خلال السنين؛ فقد بدأ الأمر بالطرد وحياة اللجوء زمن النكبة، وتواصل من السجن والتعذيب في سنوات الحكم العسكري، ثم تلاه الخوف من الشاباك وقوات الأمن التي لم توفر جهداً لإحباط كل محاولة احتجاج في العقود الأخيرة.
الخوف آخذ في الازدياد عند تجدد الهجمات على غزة أو العمليات في الضفة، هكذا تعلمت والكثيرين من أبناء جيلي، العيش في ظل غيمة ثقيلة من الخوف تحلق فوق رؤوسنا.
اضطررنا إلى أن نبعد هذا الخوف عميقاً في أعماقنا، وإخفائه عن أنظار الآخرين، لأن قذارة الشعور بالخوف في الفضاء العام قد تكلفنا ثمناً باهظاً، فقد شاهدنا نموذجاً لذلك. عندما أظهر إياد الحلاق الخوف كان كافياً للتأشير عليه كعامل مهدد، وشكل سبباً لإطلاق النار عليه في وضح النهار، على بعد بضعة أمتار عن المؤسسة التي كان يدرس فيها. ولم يكن لمشاعرنا وإحساسنا، نحن المواطنين العرب الفلسطينيين، مكان في الفضاء العام يوماً ما، ولم يكن خوفنا خوفاً مشروع.
في هذه الأثناء، الخوف من العرب سلعة استهلاكية أساسية في الإعلام العبري في إسرائيل. سياسيون وإعلاميون يكتبون بصورة منتظمة تقارير عن “التهديد الوجودي” –العرب– مع التحذير من خطر حقيقي على حياة اليهود، بما في ذلك النساء والأطفال. ففي حين يتاجر السياسيون بخوف اليهود ويتعاملون معه على أنه مورد سياسي من أجل التحريض ورص الصفوف، يقدم الإعلاميون منصة جماهيرية لهذه التصريحات ويعلمون الجمهور الخوف من العرب.
هذه الظاهرة لم تبدأ بفيديو “العرب يتدفقون إلى صناديق الاقتراع”، وهي بالتأكيد لن تنتهي بنسختها الجديدة “جميعنا نخاف من العرب”. بعد كل ذلك لا تندهشوا إذا قالوا لكم كيف “جميعنا نخاف من العرب”.
بقلم: أمل عرابي
نقلا عن القدس العربي