الاجتماع الصباحي، تحيةُ العلم، النظافةُ واللباسُ الموحد، وجديةُ التعليم كل تلك المشاهد لاتزالُ عالقةً في أذهان من تلقى تعليمه قبل الصراع والوباء.
يروي براء قليلاً من ذكرياته المدرسية يحكي بها عن ماضٍ جميل فُقِدَ منذ اندلاع الثورةِ السورية حيث يقول: ” كنا لا نتغيب عن المدرسة إلا في الحالة الإجبارية، نذهب للدوامِ يومياً وأحلامنا معلقةٌ بين أعيننا، طبيبٌ ومهندسٌ ومحامي، ودائرة الأحلام لم تكن تهدأ، كان المعلم يتعبُ ويحترق لأجلنا، وكنا نهابه ونكنُ له أقصى درجات المودةِ والاحترام”.
لكن أحلامَ “براء” تشتت وضيعتها الحربُ التي لم ترحم مدرسةً ولم تحترم حقوقَ طفلٍ ومعلمٍ وتعليم، فقد دمرت آلةُ الحربِ “3800” مدرسة، والأرقام تضاعفت بازدياد مع دخول الثورة عامها العاشر.
لم يقفِ الأمرُ عند هذا الحد، فأرقامُ الأطفالِ السوريين المغيبين عن التعليم بلغت ال 2.1 مليون طفل في الداخل و700 ألف طفل في دول الخارج بحسب تقريرٍ نشره ” اليونيسيف “، نهايةَ 2019 وأكثر من 1.3 مليون طفل معرضينَ للتسرب المدرسي.
أرقامٌ صادمةٌ ومبادراتٍ خجولة
ومع هذا العدد من الأطفالِ المغيبينَ قسراً عن مدارسهم، تعمل منظماتُ المجتمع المدني على دعم القطاعِ التعليمي وإرجاعِ حركتها كالسابق، لكنَ الأرقام ضخمة والطاقاتُ المستنفذةُ خجولة.
فبعد تجمع كم هائلٍ من اللاجئينَ على الحدود السورية التركية، نجد أن المدارس هناك لا تكفي لاستيعابِ أرقام كبيرة للطلاب، حيث أنَ أغلب الأطفال يدرسون في خيامٍ لا تملكُ مقومات المدارس، وأن معظم الطلابِ يتغيبون عنها بسبب أوضاعهم المعيشية الصعبة، ونظرة ذويهم أن لا مكان للتعليم مع الحرب والفقر الجائر، فصارَ معظم الأطفال يبحثونَ عن العمل بديلاً عن التعليم.
أما في ظل ظهور الحكومات والهيئاتِ بات الواقع التعليميُ أفضل نسبياً من حيث التنظيم والتنسيق، لكنَّ العقبة لاتزالُ هي ضعف الدعم للقطاع التعليمي، وتجاهل حقوق المعلم المادية، فمعظم المدرسين باتو يعملون ک “متطوعين”، بينما ينعم العاملون في المجالات الثانية بالرواتب الوفيرة والمغرية.
*التعليم في ظلِ جائحةِ “كورونا*
مع دخولِ العامِ الدراسي الجديد في 2020 وظهور جائحةِ كورونا التي أدت إلى إيقافِ معظم وسائل الحياة ومؤسسات الدولة، خشية انتقال الوباء.
فالمدارسُ التي تعدُ من أكثرِ الأماكن ازدحاماً كانت قد أغلقت تماماً، ومن مبدأ استمرارية التعليم والحفاظِ عليه ظهرت طريقة التعليم عن بعد، وذلك عبر برامج الانترنت “أونلاين” .
كانت تلك الطريقة جيدةً في معظم الدول، ومحافظةً على أمن وسلامة المجتمع، رغم أنها لم تكن قادرةً على تغطية جميع الأطفال لسوء أوضاعهم المعيشية وعدم امتلاكهم هاتفاً خاصاً بهم.
كان الأمرُ مختلفاً في الشمالِ السوري، فالمدارس لم تُغلق ألا لبضعةِ أيام، رغم انتشار الوباء ودخوله تلك المناطق، برغم الكثافة العالية التي تعاني منها مخيمات اللجوء.
مما دعا الفرق التطوعية والمنظمات لإطلاقِ حملاتِ توعيةٍ ونداءات لزيادة الجدية والالتزام الكامل بمعايير السلامة والأمان، في مناطق الشمال السوري، وذلك تجنباً لحدوث مصائب وأهوال لا تتدارك.
ابراهيم الخطيب