الحرية الشخصية والثورة
الثورة هي شأن عام لكل من آمن بها وعمل بها، من آمن بها على أنها انقلاب جذري على القيم والنظام القائم فأولى الأولويات له الانقلاب على القيم والسلوكيات المكتسبة من موروث النظام القائم والتي تتنافى مع قيم الثورة، بل عليه أن يتخلى عن كثير من خصوصياته وحرياته الشخصية لصالح الشأن الثوري العام، وهذه ركيزة أساسية وممر إجباري لنشر قيم الثورة وإقناع الغير بها.
إن العمل الثوري يقوم على الانتماء والولاء للكل والولاء بعد الله مما يعني وجوبية التشاركية والتكاملية والتعاون والانسجام لأن كل ثائر قدوة وكل قدوة محل نظر الجميع فمن خلالها يحكم على قيم الثورة ومبادئها ومن هنا تأتي مسؤولية الثائر الحقيقي والتزامه فمن التزم ووفى فجزاؤه الحسنى ومن نقض وفرّط ونكص فجزاؤه اللعنة في الدنيا والاخرة.
ليس لثائر حرية شخصية في زمن الثورة يحتج بها على أهله ورفاق دربه، فما يعيبه يعيبهم وما يرفعه يرفعهم، الاقتصاد بممارسة الحريات الشخصية الى حد الكفاف واجب أخلاقي وثوري، والتفاني والتضحية بها هو قمة العطاء وذروة السخاء، واحترام مشاعر و أحوال الناس شهامة، وإغاثتهم مروءة.
الثائر الحقيقي مسؤول عن عائلته ومنها تبدأ ثوريته بغرس قيمها وأخلاقياتها في نفوس أبنائه وزوجته وأقاربه ثم مجتمعه، المسؤولية هنا مسؤولية أصلية بمعنى أنه من كان ليس بقادرٍ على تربية أهل بيته على قيم الثورة سيكون عاجزاً عن زرعها في غيرهم، لذلك لا يصلح أمثال هؤلاء لتصدّر القيادة .
مصادر المسؤولية في الثورة ثلاث:
الأول: الانتماء تحكمه قواعد الولاء والبراء وعليه فعلى كل ثائر أن يوالي من والى الثورة وأن يتبرأ ممن أنكرها وعاداها حتى لو كان من أولي القربى.
والثاني: العطاء تحكمه قواعد المسؤولية التقصيرية فمن عمل عن حسن نية وأخطأ فله أجر ومن أهمل أو أساء العمل عن جهل أو فسادٍ فحكمه كفّ اليد عن الأعمال الثورية.
، والثالث: القيادة وصنع القرار وتحكمه قواعد المحاسبة والجزاء فالعقاب لمن تخاذل أو فرّط أو خان أو أجرم، و الثناء والتكريم لمن تفاني و أنجز وبذل وأعطى .
ومسؤولية الثائر عن تصرفات ولده ” بالغاً كان أم قاصر ” أو زوجه أو قريبه مسؤولية تقصيرية كما هي تصرفات القائد عن مرؤوسيه.
الثورة أخلاق والتزام والأخلاق لا تتجزأ والالتزام موجب للمحاسبة كما هو موجب للتقدير والتكريم.
المحامي عبد الناصر حوشان