تناولت صحيفة واشنطن بوست في مقال للكاتبة “كاترينا فاندن هوفيل” الصدام الأخير بين القوات الروسية والأمريكية في سوريا، والذي تسبب بإصابة 4 جنود أمريكيين، داعيةً إلى وجوب اتخاذ قرارات تحد من إقدام الرئيس الأمريكي على اتخاذ قرار بالحرب للتعامل مع مثل هذا الحدث مستقبلاً.
واستهلت الكاتبة المقال بالإشارة إلى إشادة المتحدثين في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأسبوع الماضي بالرئيس، ترامب، ووصفوه بأنه عدو لحروب لا نهاية لها، حيث أشاد السيناتور الجمهوري، راند بول، بالرئيس الأمريكي لإعادته “رجالنا ونساءنا إلى الوطن”، بينما ادعى إريك ترامب، أن والده حقق “السلام في الشرق الأوسط. منهياً الحروب التي لا نهاية لها”.
بعد ساعات قليلة من المؤتمر، علمنا بحدوث اشتباك مباشر بين القوات الأمريكية والروسية في شمال سوريا – الملام للكاتبة – حيث تسابقت المركبات العسكرية من كل بلد في ميدان مفتوح حتى اصطدمت مركبة روسية بمركبة أمريكية، مما أدى إلى إصابة أربعة أمريكيين، وادعى كل جانب أن الطرف الآخر هو المسؤول. وقد أشار المسؤول السابق في الإدارة الأمريكية، بريت ماكغورك، إلى أن “هذه الحوادث مستمرة منذ شهور”.
تتساءل الكاتبة: كيف وصلنا إلى مواجهة بين أكبر قوتين نوويتين في ريف سوريا دون إذن من الكونغرس؟
تأمين النفط
أعلن ترامب انسحاباً كاملاً للقوات الأمريكية من سوريا في أواخر عام 2018، ثم تراجع سريعاً بعد تلقيه انتقادات لاذعة من شخصيات مؤثرة في كلا الحزبين، ثم جدد نداءه بالانسحاب بعد أقل من عام، مشيراً إلى مكالماته “المفجعة” مع أفراد الأسر الذين خلفهم الجنود الأمريكيون القتلى. واجه ترامب مرة أخرى انتقادات من الجيش والحزبين، وتراجع مرة أخرى معلناً بدلاً من ذلك ليس فقط أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا؛ بل إنهم سيفعلون ذلك بهدف صريح ألا وهو “تأمين النفط”، مقترحاً استثماره من خلال “صفقة مع شركة إكسون موبيل أو إحدى شركاتنا الكبرى”.
بالنظر إلى الاتهامات طويلة الأمد للولايات المتحدة بشن صراعات على النفط ضد دول مثل العراق وليبيا، كانت خطة ترامب العلنية للاستيلاء على المورد – وهي جريمة حرب بموجب القانون الدولي – محرجة للعسكريين الأكثر لباقة؛ لكن يبدو الآن أن الخطة بدأت تؤتي ثمارها، حيث تشير التقارير إلى أن شركة أمريكية توصلت إلى اتفاق لتطوير حقول النفط.
عندما قرر الرئيس باراك أوباما في عام 2013 توجيه ضربة لنظام أسد رداً على استخدامه للأسلحة الكيماوية، سعى للحصول على إذن من الكونغرس للقيام بعمل عسكري، كما هو مطلوب قانونياً بموجب قرار سلطات الحرب لعام 1973، وعندما اتضح لأوباما أن المشرعين الأمريكيين وناخبيهم الذين أنهكتهم الحرب لا يؤيدون مثل هذا الإجراء، تراجع الرئيس الأمريكي السابق عن الأمر بشن الضربات. بخلاف إدارة ترامب التي لم تهتم بالمتطلبات القانونية والدستورية التي تحدد الدور الأساسي للكونغرس في إرسال القوات إلى أعمال عدائية وشيكة.
يقر ترامب بأن سياسته تجاه سوريا تعني أنه “قد نضطر للقتال من أجل النفط”، متفاخراً بأن أي طرف آخر يسعى للحصول على النفط سيواجه “جحيم الحرب”. وردا على سؤال لتوضيح ما إذا كانت خطة ترامب تتضمن معارضة مباشرة للقوات الحكومية الروسية أو ميليشيا أسد، قال وزير الدفاع مارك إسبر: “الإجابة المختصرة هي نعم، إنها كذلك حالياً”، في حين صرح الممثل الأمريكي الخاص لسوريا، الذي يشرف حالياً على خطة ترامب بشكل مباشر قائلاً: “وظيفتي هي جعل (سوريا) مستنقعاً للروس”.
تقترب الآن النتائج المتوقعة لهذه السياسة المتهورة من ذروتها، بعد ما يقرب من سبع سنوات من منع الكونغرس أوباما من المشاركة مباشرة في عمل عسكري ضد روسيا ونظام أسد، حيث تعمل إدارة ترامب بشكل صارخ على تعميق مشاركة الولايات المتحدة في الصراع ذاته الذي رفضه الكونغرس والشعب الأمريكي بشدة. إذا لم يقم الكونغرس بكبح جماح هذا الرئيس الآن، فإن احتمالات التصعيد ستزداد.
قرار سلطات الحرب
لحسن الحظ، فإن “قرار سلطات الحرب”: يشكل علاجاً لهذا الموقف بالضبط. إذ إنه بموجب القانون، يمكن لأي عضو في الكونغرس فرض النقاش والتصويت على تورط الولايات المتحدة في عمل عسكري في الخارج من خلال تقديم قرار تمييزي، كما شوهد في التصويت على إنهاء المشاركة الأمريكية في حرب اليمن العام الماضي.
لقد حان الوقت لأولئك الذين هم على اليسار واليمين الذين يدافعون عن دستورنا ويعارضون حقاً حرباً لا نهاية لها لاستخدام هذه الأداة لفرض النقاش والتصويت على هذه المهمة الخطيرة وغير المصرح بها. يستحق الشعب الأمريكي وجنودنا أن يروا موقف ممثليهم من مهمة ترامب غير الدستورية لتأمين النفط ومواجهة روسيا في سوريا.
نقلا عن اورينت نت