نشأ مخيم اليرموك عندما استأجرت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين عام 1957 أراضا زراعية بمساحة 2،1 كم مربع، من بساتين الشاغور تعود ملكيتها لآل البيطار والحكيم والمهايني، ووزعتها على اللاجئين الفلسطينيين وسميت أرض المؤسسة، وتوسع السكن خارجها بسبب تزايد الكثافة السكانية وتوافد اللاجئين الفلسطينيين، ووافدين سوريين من المحافظات الأخرى للمخيم.
نزوح الفلسطينيين بعد حرب 1967 دفع السكان للتوسع بالبناء باتجاه غرب المخيم وجنوبه حتى شارع الثلاثين، وشرقاً حتى حي التضامن، وفي منتصف السبعينات بدأت الطفرة الكبرى، ليمتد المخيم نحو بلدات (سبينة) و(حجيرة) و(يلدا)، وغرباً نحو القدم وعسالي، وبحلول عام 1985 بدأت الأسواق التجارية تظهر في المخيم ثم توسعت لتضم أكبر أسواق السيارات والسيراميك في دمشق، إضافة إلى سوق الصاغة وسوق الملابس الشهير باسم سوق لوبيا.
الملكيات والأوراق في المخيم
تنتشر في مخيم اليرموك أرض النمرة أو المؤسسة، وهي قطعة أرض منحتها المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب للاجئين الفلسطينيين، وتبلغ مساحة القطعة الواحدة من 40 لـ120 متر مربع لبناء منزل عليها، ومنحتهم ورقة تسمى إذن سكن وتشكل أرض المؤسسة 15 % تقريباً من مساحة المخيم، وتتوزع هذه الملكيات في منطقة المخيم القديم، وفي وسطه الغربي والشرقي وجزء من حي المغاربة.
كما تنتشر الملكيات العشوائية في المدخل الشمالي الشرقي، وفي نهاية شارع فلسطين في شرق المخيم وجزء من حي المغاربة، وفي حي التقدم وحي 8 آذار جنوب المخيم، وأوراق الملكية التي يملكها الأهالي وكالة كاتب العدل وحكم محكمة.
تتراوح نسبة ملكيات الطابو الأخضر بين 5-6 بالمئة في المخيم، وتنتشر غالبية هذه الأبنية في مشروع الوسيم وبناء الكوسكومار، الذي بناه حسام جلبوط بعد شراء أرض من آل البيطار كانت مستملكة لصالح بلدية المخيم للنفع العام، استطاع جلبوط كسب دعوة رفعها أمام محكمة القضاء الإداري لرفع الاستملاك، وبعد أن كسب الدعوة بنى عليها مبنىً تجارياً وسكنياً غرب المخيم.
صرح للمركز المحامي محمد بدرو أحد العاملين في بلدية اليرموك سابقا، والذي أشرف على إفراز هذا العقار ماليا وعقاريا ” أن أرض الكوسكومار تم وضع إشارة استملاك عليها لصالح بلدية اليرموك إلى أن جاء مستثمر واشتراها من صاحبها بمبلغ زهيد ورفع عنها إشارة الاستملاك بعد أن رفع دعوة إدارية ودخلت المخطط التنظيمي للحي وبنى عليها وسمي البناء (كوسكومار) “.
خريطة تحدد نوع الملكية – أضغط على اللون لمعرفة نوع الملكية
استملك أرضا زراعية مساحتها 20 ألف متر مربع يملكها شاهر المهايني كانت محاطة بسور طيني تحوي أشجار زيتون لأجل بناء 400 شقة سكنية ضمن ما يعرف بمشروع الوسيم السكني، ليكون سكناً بديلاً للمنذرين بالهدم من سكان منطقة نهر عيشة والجزماتية وغيرها في دمشق الذين تم استملاك مساكنهم لفتح وتوسيع طرق رئيسية، وخاض مالك الأرض معركة قانونية ضد المحافظة انتهت عام 1996 بخسارة شاهر مهايني للدعوة وتثبيت قرار الاستملاك، والبدء بتنفيذ المشروع عام 2001.
يملك البعض من سكان الحي عقد بيع “أسهم أرض زراعية” منظم في مكاتب عقارية أو لدى محامي، والشراء بهذه الطريقة مرغوب بسبب تدني كلفته وسرعة إنجازه، ويتم التصالح عليه في المالية، وهو دليل أمام المحاكم والقانون يساعد على التسوية وإثبات ملكية الأرض أمام المحاكم فيما بعد.
يملك البعض من سكان الحي عقد بيع “أسهم أرض زراعية” منظم في مكاتب عقارية أو لدى محامي، والشراء بهذه الطريقة مرغوب بسبب تدني كلفته وسرعة إنجازه، ويتم التصالح عليه في المالية، وهو دليل أمام المحاكم والقانون يساعد على التسوية وإثبات ملكية الأرض أمام المحاكم فيما بعد.
قصف النظام محكمة اليرموك عام 2012 والتي حوت حوالي 500 ملف من وثائق ملكيات الأهالي، وحفظ الأهالي المجاورون للمحكمة الوثائق وحاولوا نقلها بسيارة خاصة لمكان آمن إلا أن إحدى الفصائل العسكرية المتشددة (جبهة النصرة) في الحجر الأسود صادرت منها 90 ملفاً بحجة أنها تعود لأهالي الحجر الأسود، وكلف المحامي محمد عمورة بنقل ما تبقى للقصر العدلي في محافظة دمشق بالتنسيق مع فصائل المعارضة وقد ساهم القصف وسرقة بعض الملفات بضياع ثبوتيات بعض الأملاك.
ملكية اللاجئ الفلسطيني في المخيم وتحديد حدوده الإدارية
نص القانون رقم 260 لعام 1956 على إمكانية تملك الفلسطيني ليزيد فرص اندماجهم المؤقت، ويؤكد على رفض التوطين والاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية وحقهم في العودة، في حين يحق للفلسطيني تملك عقارات زراعية بعقود غير مسجلة في السجل العقاري.
ويملك اللاجئ البناء ولا يملك الأرض، ويحق له التنازل عن هذا الإذن أو البناء على سطحه أو جزء منه في دائرة السكن، في الهيئة العامة للاجئين، ويجب أن يكون الطرف الثاني لاجئاً فلسطينياً، ولا يحق له بيعه، وأن يحصل المتنازل على الموافقة المسبقة على التنازل من الهيئة بموجب قرار يصدره المدير العام للهيئة بناءً على اقتراح لجنة السكن، ويشترط عليه أن لا يملك هو أو أحد من أفراد أسرته أي عقار آخر في سوريا، بموجب القرار رقم /1140/ لعام /1990.
وحدد المخطط التنظيمي عام 2004 الحدود الإدارية للمخيم وضم المخطط لحي اليرموك حي 8 آذار، الذي كان يتبع للحجر الأسود وحي التقدم الذي كان تابعاً ليلدا بريف دمشق
قصف وحصار ونهب للممتلكات والعمار بعد 2011
صورة قصف مخيم اليرموك عام 2013
نزح من المخيم الذي قطنه نصف مليون شخص بحسب إحصاءات الأونروا قبل 2011، حوالي 80% من السكان بحسب موقع “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا”، بعد مجزرة النظام في 16-12- 2012 في مسجد عبد القادر الحسيني والمدرسة القريبة منه، والتي راح ضحيتها 150 شخصاً بينهم أطفال ونساء.
وبسبب القصف، فقدت الأحياء الجنوبية للمخيم كالعروبة والتقدم والمغاربة ملامحها كاملاً، إضافة لأحياء شارع القدس ومحيط جامع فلسطين، وصولا لحي الجاعونة وصفورية وشارع حيفا.
كما دمر قصف النظام شارع صفد وما يحاذيه من حارات شرقية وغربية، ودمر معظم الأبنية في شارع لوبيا التجاري، وامتدَّ الدمار ليشمل غرب اليرموك وشارع الخمسة عشر، ووصلت نسبة الدمار في البنية التحتية والسكنية في المخيم لـ 80 % بفعل القصف الكبير للنظام عليه.
كما دمر قصف النظام شارع صفد وما يحاذيه من حارات شرقية وغربية، ودمر معظم الأبنية في شارع لوبيا التجاري، وامتد الدمار ليشمل غرب اليرموك وشارع الخمسة عشر.
حل النظام اللجنة المحلية التابعة لوزارة الإدارة المحلية التي تدير المخيم بصورة مستلقة بالمرسوم رقم 61 عام 2018 وأتبع الحي لمحافظة دمشق.
وأعلن عن المخطط التنظيمي التفصيلي للمخيم رقم 105، وصادق عليه مجلس محافظة دمشق في 25 حزيران 2020، و يقسم المخطط الجديد المخيم لثلاث مناطق رئيسية: الأكثر ضرراً 93 هكتاراً، ومتوسطة الضرر 48 هكتاراً، وخفيفة الضرر 79 هكتاراً، وبالتالي 60 بالمئة من المخيم سيتم تحويله لأبراج سكنية بارتفاع 13 طابقاً، إضافة إلى كتل سكنية من أبنية ارتفاعها من 6 إلى 8 طوابق، وأسواق تجارية وحدائق عامة، ويسمح بعودة 40 بالمئة من السكان.
أبرز المناطق المتضررة والتي ستتغير جذريا في التنظيم الجديد
المناطق المتضررة بنسبة عالية هي التي سوف تتغير تركيبتها بشكل جذري وكامل، وهي بنسبة (٤٢٪) من مساحة المخيم وتلك المناطق هي:
– المنطقة الممتدة من دوار فلسطين إلى شارع اليرموك.
– منطقة أول المخيم حتى ساحة الريجة يميناً حتى شارع الثلاثين، ويساراً حتى شارع فلسطين.
– كافة المنطقة الممتدة من جامع الوسيم وحتى شارع الثلاثين وحتى نهاية اليرموك.
– شارع القدس وهو الواصل بين دوار فلسطين وحتى جامع فلسطين لم يعد له وجود بشكله القديم، بل أصبح على شكل “زكزاك” يحيط بحي المغاربة الجديد والمؤلف من تجمعين سكنيين، كل منهما فيه ١٢ مقسماً سكنياً فقط.
– إحداث دوار عند تقاطع شارع اليرموك وشارع الثلاثين.
اقتطاع أكثر من ٥٠ ٪ من الأبنية والبيوت والمحلات الداخلة في التنظيم الجديد.
خريطة تفاعلية لتوزع الضرر يمكن الضغط على اللون
ولن يُمنح سكّان المنطقة المشمولة في التنظيم أيّة بدائل سكنيّة، إنّما أسهم تنظيمية وفق المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982، والذي يحصر التعويض وفق مساحة البناء وليس الأبنية المشادة عليه، حسبما أعلن مدير الدراسات الفنيّة في محافظة دمشق معمر دكاك، خلال جلسة لمجلس المحافظة في 7 تموز/ يوليو 2020.
كيف زاد النظام من صعوبة العودة للمخيم بحجة “داعش” ؟
صعب النظام عودة سكان المخيم بسبب الدمار الكبير في مساكنهم، إثر القصف المكثف غير المبرر، بذريعة وجود تنظيم الدولة ” داعش”، مع أن نسبة العناصر في المخيم لا تبرر هذه الكثافة الكبيرة من القصف، وصرح فايز أبو عيد الصحفي في “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا“ لمركز الصحافة الاجتماعية، بأن النظام قصف مناطق داخل المخيم، في حين أن عناصر التنظيم كانوا يتواجدون على خطوط التماس مع النظام، ما يدل على تعمده إحداث دمار في المخيم”.
وبيّن استبيان لمجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا في حزيران 2021، أن 72 % من سكان المخيم لا يمتلكون القدرة على إعادة إعمار منازلهم، وبالتالي لا يستطيعون العودة له، فيما 4.9 % قادرون على ذلك، ومعظم سكان المخيم مضطرون للبيع، ولا سيما من هم خارج البلد.
فلم وثائقي يتحدث عن مخيم اليرموك
كما أحدث النظام المزيد من الدمار في المخيم بعد خروج تنظيم الدولة “داعش” منه عام 2018، بذريعة البدء بإزالة مخلفات الألغام في شوارع المنطقة، بمساعدة المركز الروسي لمصالحة الأطراف المتصارعة في سورية، وصرح المحامي محمد بدرو للمركز أن” وزارة الدفاع فجرت البيوت بحجة وجود الألغام، مع أن المخيم لم يكن فيه أي عبوات ولا ألغام عندما غادرناه، بل هي ذريعة لإحداث دمار واسع في الأبنية تمهيداً للمخطط وإعادة الإعمار والاستثمار”، وبالتالي لم يتمكن السكان من العودة لبيوتهم، لأنهم لم يحققوا شروط العودة التي فرضها النظام.
بعد التهجير سرقة “وتعفيش”
نهب عناصر النظام السوري ممتلكات المهجرين، و”عفشوا” كل ما يرونه أمامهم من أثاث وكابلات وأجهزة كهربائية وأنابيب صرف صحي، وماء وقضبان الحديد وسيراميك المطابخ، بإشراف ضباط أمن وجيش النظام، وتمركزت عملياته في شارع الثلاثين، حيث يتم بيع ممتلكات المهجرين لتجار في دمشق.
وصرح الصحفي فايز في “مجموعة العمل” للمركز، أن “تعفيش” الممتلكات دفعت ببعض المهجرين من سكان المخيم، بالرغبة للعودة لمنازلهم رغم صعوبة إعادة الإعمار الذاتي والعجز المادي. وقد أجرت المجموعة استبيانا إلكترونيا أظهر تعرض منازل 93.2 % من المشاركين في الاستبيان “للتعفيش” ونجا 6.7% منه.
خيب النظام آمال سكان المخيم المهجرين عندما أعلن أنه سيسمح بعودتهم للمخيم، بشرط سلامة البيت الإنشائية وإثبات ملكيته، والحصول على الموافقات اللازمة، لكنه فرض الحصول على الموافقة الأمنية، وكانت تعطى بانتقائيّة. كما لم يملك السكان قدرة مالية لترميم سكنهم فأكوام الأنقاض تسد شوارع المخيم بارتفاع متر ونصف، ولم يعد للمخيم سوى 800 عائلة منهم لديه عقار مؤسسة.
خريطة تفاعلية مدعومة بالصور والفيديوهات تشرح تاريخ حي اليرموك
المركز الصحفي السوري
أكرم الأحمد